إحفاء الشارب
كان والدي رَحِمَهُ الله ربما أحفى شاربَه كله، مع قلة مَنْ ذهب إليه من أهل العلم-وكنا قد أخذنا منه رَحِمَهُ الله: أن الإمام مالكًا يقول: يُعَزَّرُ صاحبه-، فذكرت له قول الإمام مالك.
فقال: ليس هذا بقول الله ولا قول رسوله.
-----------------
§ (ربما) هنا للتقليل.
§ مسألة إحفاء الشارب كله
قال الطحاوي رَحِمَهُ الله في «شرح معاني الآثار»(4/230): وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَا الْحَلْقَ قَدْ أُمِرَ بِهِ فِي الْإِحْرَامِ، وَرُخِّصَ فِي التَّقْصِيرِ. فَكَانَ الْحَلْقُ أَفْضَلَ مِنَ التَّقْصِيرِ، وَكَانَ التَّقْصِيرُ مَنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَمَنْ شَاءَ زَادَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ بِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ أَعْظَمَ أَجْرًا مِمَّنْ قَصَّ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الشَّارِبِ قَصُّهُ حَسَنٌ، وَإِحْفَاؤُهُ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ. ثم أسند ذلك عن عددٍ من الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم أجمعين.
§ وقد أجاب والدي عن سؤال: ما حكم حلق الشارب كله؟
الإمام مالك يقول: يُعَزَّر صاحبه.
وقد وردت أحاديث بلفظ: <احْفُوا الشَّوَارِبَ>، والإحفاء معناه في اللغة: إزالته كله.
ووردت أكثر الأحاديث بالقص.
فمن أراد أن يحفي أحفى، ومن راد أن يقص قص.
[كتبته وقيدته من دروس والدي رحمه الله]