جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 12 مارس 2024

(9)مقتطف من دروس بلوغ المرام

 

مقتطف من 31 من دروس بلوغ المرام

 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنَ الْحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

هذا الحديث ضعيف؛ من طريق مصعب بن شيبة، وهو ضعيف، وقد ضعف الحديث الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ في «ضعيف أبي داود»(59).

وهذا الحديث فيه أربعة أغسال:

الأول: الغسل من الجنابة، وهذا واجب قال الله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6] ، وتقدم في الدرس السابق، وهذا إجماع أهل العلم.

الثاني: الغسل يوم الجمعة.

الثالث: الغسل من الحجامة، الحجامة: إخراج الدم من الجسم بصفة مخصوصة، كما في «شرح بلوغ المرام»(1/275) للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ.

وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على استحباب الغسل من الحجامة، واختاره الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ في «روضة الطالبين»([1]).

ومن أهل العلم من قال: هذا لا يستحب، وهذا قول الإمام أحمد وضعف حديث الحجامة كما في «مسائل ابنه عبدالله».

 قال عبد اللَّه بن أحمد في «المسائل» (23): سَمِعت أبي يَقُول: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغسْل من غسل الْمَيِّت وَلَيْسَ يثبت، وَلَا يتَوَضَّأ من حمل الْجِنَازَة لَيْسَ يثبت، وَلَا يغْتَسل من الْحجامَة لَيْسَ يثبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وهذا هو الصواب ، والقول بالاستحباب حكم شرعي يحتاج إلى دليل، ومن أحب أن يغتسل فله ذلك، غير أنهم في الطب الحديث يحذرون من الاغتسال حتى تمر أربعة وعشرون ساعة؛ درءًا لمخاطر جروحات الحجامة.

والحجامة من الأدوية النافعة، ولكنه إذا تعوَّد على الحجامة يحتاج أن يستمر عليها، فتكون الحجامة على حسب الحاجة، والله أعلم.

الرابع: الغسل من تغسيل الميت، وتقدم هذا عند حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيْتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» والحديث الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وجمهور أهل العلم على استحباب الغسل من تغسيل الميت، وفي المسألة حديث ابن عمر قال: «كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلْ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلْ».

وأما حديث «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ إِنَّ مَيِّتَكُمْ لَمُؤْمِنٌ طَاهِرٌ وَلَيْسَ بِنَجَسٍ فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيكُمْ»، فهذا الحديث ضعيف.

 

 



([1]) وذكر النووي في «روضة الطالبين» (2/44) قولين في الغسل من الحجامة الاستحباب وعدمه.

 ثم قال: وَالْمُخْتَارُ: الْجَزْمُ بِاسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْحَمَّامِ. فَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ «جَمْعِ الْجَوَامِعِ »  فِي مَنْصُوصَاتِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أُحِبُّ الْغُسْلَ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْحَمَّامِ، وَكُلِّ أَمْرٍ غَيَّرَ الْجَسَدَ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ، إِلَى أَنَّ حِكْمَتَهُ، أَنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْجَسَدَ وَيُضْعِفُهُ، وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ.