جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 7 مارس 2024

(3)مقتطف من دروس بلوغ المرام

مقتطف من درس25 من دروس بلوغ المرام 

  

                        عدم إدخال ما فيه ذكر الله الخلاء

 

قال الله تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]. من تعظيم حُرُمات الله سُبحَانَهُ، ألَّا يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله، أو يدخل المصحف إلا إذا خشي السرقة عليه أو الضياع، فالله عَزَّ وَجَل يقول: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 18].

وفي هذا المعنى المَنْعُ من تعليق التمائم التي فيها القرآن وذكر الله؛ حتى لا تُعَرَّض للإهانة. فهناك عدة أسباب في منع لبس التمائم التي فيها ذكر الله والقرآن.

 منها: قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» رواه أبو داود (3883) عن عبد الله بن مسعود.

 التولة: شيء يفعلونه يزعمون أنه يجلب المودة بين الزوجين، وقد يكون من السحر، وقد يكون بأشياء أخرى. وهذا ما يسمى عندهم بالصرف والعطف، العطف: التولة، يعطف الرجل على امرأته وتعطف المرأة على زوجها، والصرف يصرف الزوج عن زوجته والعكس.

ومنها: ما تقدم حتى لا يُعَرَّضَ ما فيه ذكر الله للإهانة.

 أمر آخر: الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ما كانوا يعلقون التمائم، وهم أفهم بمراد الله عَزَّ وَجَل؛ لأنهم كانوا في زمن التشريع.

 أما ما جاء أن عبدالله بن عمرو كان يعلق بعض التعاويذ في عنق أولاده فهذا سنده ضعيف، ولو صح لكان تعليقه لها؛ من أجل أن يحفظوها، لا أنها تميمة([1]).

فاستفدنا: أن من تعظيم حرمات الله سُبحَانَهُ عدم الدخول بشيء فيه ذكر الله الخلاء.

 وهكذا ينبغي صيانة الأوراق التي فيها ذكر الله، وعدم رميها في الطرقات أو في المزابل فهذا ينافي تعظيم حرمات الله.



([1]) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْفَزَعِ: «بِسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ، مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنْ يَحْضُرُونِ».

 قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ أَنْ يَقُولَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ أَنْ يَحْفَظَهَا كَتَبَهَا لَهُ، فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ.

رواه أحمد(11/295) واللفظ له، والترمذي(3528) من طريق  مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. الحديث.

ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

ولكن المرفوع له شاهد عند الإمام أحمد (27 / 108 ).

وذكر الحديث الشيخ الألباني في «الصحيحة» (264)، وقال عن الزيادة -يعني: الزيادة الموقوفة على عبد الله بن عمرو-: هذه الزيادة منكرة عندي؛ لتفرده –محمد بن إسحاق-بها، والله أعلم.