من سورة البقرة
كنا نستدل بقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] على أنَّ تقوى الله من أسباب نيل العلم.
فأفادني والدي رحمه الله بقوله: ذكر بعض الكاتبين أن ابن القيم يقول: ليس في الآية دليل على هذا؛ لأنَّ قوله سبحانه: {وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} لا يتعلَّقُ بما قبله.
وإليك نص كلام ابن القيم.
قال رَحِمَهُ الله في «مفتاح دار السعادة» (493): العملُ بالعلم من أعظم أسباب حفظه وثباته، وتضييعُ العمل به إضاعةٌ له، فما استُدِرَّ العلمُ ولا استُجلِبَ بمثل العمل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28].
قال: وأما قولُه تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]، فليس من هذا الباب، بل هما جملتان مستقلَّتان: طلبيَّة، وهي الأمرُ بالتقوى، وخبريَّة، وهي قولُه تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}، أي: والله يعلِّمُكم ما تتقون. وليست جوابًا للأمر، ولو أريد بها الجزاءُ لأُتِيَ بها مجزومةً مجرَّدةً عن الواو، فكان يقول: واتقوا الله يعلِّمْكم، أو: إن تتقوه يعلِّمْكم، كما قال: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]، فتدبَّره.
وينظر «مجموع الفتاوى» (18/ 177) لشيخ الإسلام.