جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 23 يناير 2024

(45)تذكير بالصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم

 

              من فضائل المغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ في شأن قتال كسرى، قَالَ: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ، فَقَالَ: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ. قَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قَالَ: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلَاءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرَضِينَ-تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ-إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ، حَتَّى تَعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. رواه الإمام البخاري رَحِمَهُ الله (3160).

فيه من الفوائد:

فضيلة للمغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقوة إيمانه وعقيدته وعزة نفسه، فهكذا ينبغي للمسلم أن يكون قويًّا بإيمانه معتزًّا بدينه.

والمغيرة بن شعبة ممن بايع تحت الشجرة، قال تَعَالَى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تحتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: 18].

 وكانت وفاته رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سنة خمسين من الهجرة.

 وقد وَصف جرير بن عبدالله البجلي هذا الصحابي وأثنى عليه كما في «صحيح البخاري»( 58) عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ، وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ. ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلامِ فَشَرَطَ عَلَيَّ: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ.

وقول جرير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ) أي: ومن عفا ينبغي العفو عنه، الجزاء من جنس العمل، كما تدين تدان، فينبغي العفو؛ لأن المغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كان يحب العفو عن المذنب، عن المخطئ.

 

وكتبت عن والدي الشيخ مقبل رحمه الله: المغيرة بن شعبة كان آيةً في الذكاء لعله لا يُخدَعُ.

 

 

[مقتطف من درس الصحيح المسند من الشمائل المحمدية الدرس الرابع لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]