قوله تَعَالَى: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: 73]
قال ابن القيم في « أمثال القرآن» (314): ثُمَّ سَوَّى بَيْنَ الْعَابِدِ وَالْمَعْبُودِ فِي الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ بِقَوْلِهِ: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: 73].
قِيلَ: الطَّالِبُ: الْعَابِدُ، وَالْمَطْلُوبُ: الْمَعْبُودُ، فَهُوَ عَاجِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَاجِزٍ.
وَقِيلَ: هُوَ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ السَّالِبِ وَالْمَسْلُوبِ، وَهُوَ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْإِلَهِ وَالذُّبَابِ فِي الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ.
وَعَلَى هَذَا: فَالطَّالِبُ الْإِلَهُ الْبَاطِلُ، وَالْمَطْلُوبُ الذُّبَابُ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا استَنقَذَهُ مِنْهُ.
وَقِيلَ: الطَّالِبُ الذُّبَابُ، وَالْمَطْلُوبُ الْإِلَهُ، فَالذُّبَابُ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ مِمَّا عَلَيْهِ([1]).
قال ابن القيم: وَالصَّحِيحُ أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ([2])، فَضَعْفُ الْعَابِدِ وَالْمَعْبُودِ وَالْمُسْتَلِبِ وَالْمُسْتَلَبِ؛ فَمَنْ جَعَلَ هَذَا الآلِهَةَ مَعَ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ فَمَا قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا عَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَلَا عَظَّمَهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ.
([1])هذه أقوال في بيان الطالب والمطلوب:
القول الأول: الطالب العابد والمطلوب الصنم. (فَهُوَ عَاجِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَاجِزٍ) أي: العابد عاجز متعلق بعاجز لا قدرة له، وهو المعبود.
والقول الثاني: الطالب الإله الباطل؛ لأنه يطلب الذباب؛ لاستنقاذ ما أخذه منه، والمطلوب الذباب، يُطْلَب منه ما أخذه.
قال الحافظ ابن كثير عن هذا القول: واختاره ابن جرير، قال: وهو ظاهر السياق.
القول الثالث: (الطَّالِبُ الذُّبَابُ، وَالْمَطْلُوبُ الْإِلَهُ، فَالذُّبَابُ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ مِمَّا عَلَيْهِ).