جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 21 أكتوبر 2023

(70)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله

 


من اهتمام والدي في مرحلة تأليفي لـ«الصحيح المسند من الشمائل المحمدية» عام 1414

يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ».

 فشكر الله عَزَّ وَجَل لوالدي وغفر له؛ فقد كان له يد العون في خدمة هذا الكتاب، ساعدني ببعض العناوين؛ لأنه يعتبر هذا الكتاب الثاني من تأليفاتي، فالحاجة تكون شديدة إلى التعاون والتوجيه، فساعدني رَحِمَهُ اللهُ ببعض العناوين، وأحيانًا كنت أسأله، وذكَّرني ببعض الأدلة وبعض المواضيع.

وساعدني ببعض الكتب، أعطاني: كتاب «الشمائل» للإمام الترمذي، وكتاب البغوي «الأنوار في شمائل النبي المختار»، و«أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» للخرائطي...، فكان مهتمًا رَحِمَهُ اللهُ غاية الاهتمام.

وأمرني بالمرور على «الصحيحين» حديثًا حديثًا، واستخراج ما له تعلق بالموضوع.

 وأرشدني إلى الرجوع إلى كتاب «صحيح الجامع» للشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ مادة (كان النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كذا وكذا لأنها مادة غزيرة في شمائل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

 وهكذا الشمائل من كتاب والدي «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين».

وفي أول ترجمة في الكتاب: (أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ) أرشدني رَحِمَهُ الله إلى البدء بأسمائه صلى الله عليه وسلم، بل هو بنفسِهِ عند ترتيب الكتاب جعل رَحِمَهُ اللهُ هذه الترجمة أول التراجم.

فقلت له مستفسرة: لم أرَ الذين ألَّفُوا في هذا الموضوع يبدأون بأسماءِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟

فقال: ما اسمُ الذي كتبتِ عن أوصافه وشمائله؟ فأول شيءٍ يكون بيان اسمه.

 

وقد شعر بعضهم باهتمام والدي رحمه الله بهذا الكتاب آنذاك وفرحه الشديد به، فبلغني مقالة عن بعضِهم: إن كتاب «الصحيح المسند من الشمائل المحمدية» بحثه الشيخ مقبل.

 فأخبرتُ والدي، فقال لي: لا يضرُّك، هذا دليل أن بحثَكِ قوي.

 

وكان رَحِمَهُ اللهُ يَعتبر نشر شمائل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعوة للكفار، في محبة هذا النّبِيّ الكريم صلى الله عليه وسلم ومحبة الإسلام؛ لأن شمائله مؤثرة، وهي من معجزاته.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ في «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» (5/437): وَسِيرَةُ الرَّسُولِ وَأَخْلَاقُهُ وَأَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَشَرِيعَتُهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَأُمَّتُهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَعِلْمُ أُمَّتِهِ وَدِينُهُمْ مِنْ آيَاتِهِ، وَكَرَامَاتُ صَالِحِ أُمَّتِهِ مِنْ آيَاتِهِ. اهـ المراد.

والكتب المؤلفة في الشمائل جمعت بين الصحيح الضعيف؛ فلم تحظَ بالحرص على تنقية الصحيح من غيره.

وأيضًا ما قد يحصل من تتميم النقص، وقديمًا قيل: كم تَرَكَ السابقُ لِلَّاحق!

 لهذا وذاكَ أرشدني والدي إلى تأليف هذا الكتاب، وأعانني وَشَدَّنِي، وفرَّغَ لي من وقتِهِ، وَبَذَلَ لي كُلَّ ما أحتاجه.

 فرحمه الله وغفر له وأكرمه بالحُسْنى، وجعل له نصيبًا وافرًا من أَجْرِ هذا الكتاب، والدال على الخير كفاعلِهِ، فكيف بِمَن دَلَّ وساعد وَوَجَّهَ وأعان؟!

اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.