(وَبَعدُ)
الواو نائبة عن «أما» الشرطية المحذوفة.
(بَعدُ) ظرف زمان مبني على الضم، بني على الضم؛ لأنه حذف المضاف ونوي معناه، كما قال تَعَالَى: ﴿للهِ الْأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ﴾ [الروم:4].
وللفائدة إعراب: «أما بعدُ»
«أما» حرف شرط وتفصيل، وهي نائبة عن اسم الشرط وفعل الشرط.
والمعنى: مهما يكُ من شيءٍ بعد، حُذِفَ مهما «يكُ» من شيء، وأُقيم «أمَّا» مقامه.
قال ابن مالك رَحِمَهُ الله في «الألفية»:
أما كمهما يك من شيءٍ وفا |
... |
لتلو تلوها وجوبا ألفا |
و(بعدُ) ظرف زمان متعلق بفعل الشرط المحذوف «يك».
ومتى يُؤتى بذلك؟ هل يقال عند الانتقال إلى أسلوب آخر، أم الانتقال من المقدمة إلى الموضوع فحسب؟
كنتُ أسمع والدي رَحِمَهُ الله أحيانًا في الدرس، إذا أراد أن ينتقل إلى تنبيه، أو إعلامهم بشيءٍ يقول: وبعدُ. ثم يذكر ما أراده.
وهذا يفيدنا أن كلمة «وبعد»، ومثلها «أما بعد»، قد يُؤتَى بها؛ للانتقال من أسلوبٍ إلى أسلوبٍ آخر.
ومعنى الانتقال من أسلوبٍ إلى أسلوبٍ آخر، قال ابن القاسم في «حاشية الروض المربع»(1/43): أي: يأتي بها المتكلم إذا كان في كلام وأراد الانتقال إلى غيره، ولا يؤتَى بها في أول الكلام. وأسلوب بالضم أي: من الطريق أو فنٍّ، جمعه أساليب.
واعلم أن الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله ينتقد هذا، في «شرح بلوغ المرام»(1/49)، ويقول: لكن هذا فيه نظر، ولكنها كلمة يؤتى بها للانتقال من المقدمة إلى الموضوع، ما هو من أسلوب إلى آخر، لو تغير الأسلوب ما نجيء بـ «أما بعد»، لكن نأتي بها للانتقال من المقدمة إلى الموضوع.