من أوصاف الدنيا
قال النووي رَحِمَهُ الله في مقدمة « رياض الصالحين» في وصف حال الدنيا:
▪️ إنها دَارُ نَفَادٍ لَا مَحَلُّ إِخْلَادٍ، وَمَرْكَبُ عُبُورٍ لَا مَنْزِلُ حُبُورٍ، ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لَا مَوْطِنُ دَوَامٍ.
فَلِهَذَا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ العبَّادُ، وَأَعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهَّادُ؛
📖 قَالَ اللهُ تَعَالَى:
﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس: 24]. اهـ.
🔗وهذه أوصاف موجزة لحال الدنيا:
🖊 الوصف الأول: (فَإِنَّهَا دَارُ نَفَادٍ لَا مَحَلُّ إِخْلَادٍ) دار فناء لا دار خلود.
🖊الوصف الثاني: (وَمَرْكَبُ عُبُورٍ) أي: جسر يعبر عليه الناس إلى دار القرار.
(لَا مَنْزِلُ حُبُورٍ) الحبور: النعيم، قال سُبحَانَهُ في أصحاب الجنة:
﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) ﴾ [الزخرف:70].
أي: تنعمون.
بخلاف دار الدنيا فهي ليست دار نعيم، بل هي دار نكد وتعب ومحن، ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)﴾ [البلد:4].
ولهذا يقول تَعَالَى في نعيم أهل الجنة: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾[الحجر].
📖وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)﴾[فاطر].
وسمعت والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يقول:
▪️ الدنيا ليس فيها (https://t.me/alwad3ya)راحة. (https://t.me/alwad3ya)
🖊الثالث: (ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لَا مَوْطِنُ دَوَامٍ) انفصام: انقطاع؛ فلهذا لا تدوم فيها الحياة، ولا يدوم فيها الاجتماع، الاجتماع مؤقت، الاجتماع بالأبوين، بالإخوة، بالأصحاب، بالإخوة في الله، بالطلاب، كله اجتماع مؤقت في دار الدنيا.
⇠ ثمَانِيَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الفَتىَ ...
↲ وَلَابُدَّ أَنْ تَجرِي عَلَيْهِ الثَّمَانِيهْ
⇠سُرُورٌ وَهمٌّ وَاجْتِمَاعٌ وَفُرْقَةٌ ...
↲ وَيُسْرٌ وَعُسْرٌ ثُمَّ سُقْمٌ وَعَافِيَهْ
فلهذا لا يغتر بالدنيا إلا غافل عن حقيقتها، وما أحسن عبارة الإمام النووي المذكورة: فَلِهَذَا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ العبَّادُ، وَأَعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهَّادُ.
[مقتطف من درس رياض الصالحين الدرس الأول لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]