حكم الذوائب للرجل
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ خَالَتِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، قَالَ: «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ» قَالَ: «فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ» رواه البخاري(5919) تحت ترجمة: بَابُ الذَّوَائِبُ.
قال الحافظ في شرح هذا التبويب: جَمْعُ ذُؤَابَةَ، وَالْأَصْلُ ذَآئِبُ، فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا.
قال: وَالذُّؤَابَةُ مَا يَتَدَلَّى مِنْ شعر الرَّأْس.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في « منحة الباري بشرح صحيح البخاري»(9/130): ما تدلى من شعر الرأس مضفورًا.
وفي الحديث: جواز الذوائب للرجل؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرَّ عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ولم ينكر عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في «شرح بلوغ المرام»(1/193): اتخاذ الشعر في زمنه-أي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعتبر رجولة وقوة ونشاطًا.
وأحيانًا يجعله ذوائب كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذؤابته من خلفه.
وأحيانا لا يكون له ذوائب لكن في حق الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصل إلى شحمة الأذنين، وأحيانا إلى المنكبين. اهـ.
وكون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه هذا كان غالب أحواله كما في «فتح الباري».
أما ما جاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان له ضفائر فهذا رواه أبو داود (4191)، والترمذي (1781)، وابن ماجه (3631) من طريق مُجَاهِدٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ».
قَالَ الترمذي: قال مُحَمَّدٌ-يعني: البخاري-: لَا أَعْرِفُ لِمُجَاهِدٍ سَمَاعًا مِنْ أُمِّ هَانِئٍ. وذكره والدي رحمه الله في «أحاديث معلة» (526).
أما تطويل الشعر الزائد فلا ينبغي فقد أخرج أبو داود (4190) عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي شَعْرٌ طَوِيلٌ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ذُبَابٌ ذُبَابٌ» قَالَ: فَرَجَعْتُ فَجَزَزْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ، وَهَذَا أَحْسَنُ».