جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 15 أغسطس 2023

(14)من أحكام الجنائز

 

                   حسرات الكفار والمفرطين في دينهم

قال تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحًا فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)﴾.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هاتَين الآيتين: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَالِ الْمُحْتَضِرِ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْكَافِرِينَ أَوِ الْمُفَرِّطِينَ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وِقِيلِهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَسُؤَالِهِمُ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا؛ لِيُصْلِحَ مَا كَانَ أَفْسَدَهُ فِي مُدَّةِ حَيَّاتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ:﴿رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحًا فِيما تَرَكْتُ كَلَّا﴾.

 كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾- إلى قوله- ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 10- 11].

 وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ﴾- إلى قوله- ﴿مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 44].

 وَقَالَ تَعَالَى:﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [الْأَعْرَافِ: 53].

 وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السَّجْدَةِ: 12].

 وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا﴾- إلى قوله- ﴿وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 27- 28].

 وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشُّورَى: 44].

 وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [غافر: 11- 12].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾[فَاطِرٍ: 37].

 فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ- فَلَا يُجَابُونَ- عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَيَوْمَ النُّشُورِ وَوَقْتَ الْعَرْضِ عَلَى الْجَبَّارِ، وَحِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، وَهُمْ فِي غَمَرَاتِ عَذَابِ الْجَحِيمِ.

هذه جملة من الآيات الكريمات، سردها الحافظ ابن كثير ويكتبها بيده رَحِمَهُ الله، وبالقلم الذي هو عبارة عن ريشة وحبر، ويجف سريعًا، فيضع الريشة في الدواة، ثم يرجع إلى الكتابة، فرحم الله علماءنا، على صبرهم وتجلدهم في طلب العلم ونشره ونفع الأمة.

وهذه  الأدلة تصلح أن تكون خطبة، مع التعليق عليها بما ييسر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

وهذا من مزايا تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله أنه يسرد الأدلة في الموضوع الواحد، مما يصلح أن يكون خطبة، وقد كان والدي رَحِمَهُ الله  يذكر لنا هذا المعنى.