هل الأفضل للمرأة أن تصلي في سكنها أم في المسجد الحرام، علمًا أن القدوم إلى مكة تعتبر فرصة قد لا تتيسر للبعض؟
الجواب:
مسألة الجواز يجوز للمرأة أن تذهب للمسجد مع التحلي بالأدب والستر وتغطية الوجه واليدين، وتجتنب الزحام، واجتناب مدافعة الرجال.
وإذا كنت محرمة تجنبي القفاز والنقاب، ولكن من حيث الستر استري يديك وادخليهما تحت حجابك، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» رواه الترمذي(1173)، وهو في «الصحيح المسند» (863) لوالدي رَحِمَهُ الله.
ولا بد من الحياء، لا بد من الستر، وأما من حيث الجواز فيجوز مع التزام الآداب، النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ». رواه البخاري(900)، ومسلم (442) عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وكان من نساء الصحابة مَنْ تحضر وتصلي في المسجد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما هل الأفضل أنها تصلي في سكنها الذي تسكن فيه؟
الأفضل صلاة المرأة في بيتها، النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رواه أبو داود (567) عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وروى أبو داود(570) بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا».
وهذا يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفضل الله واسع، والله أعلم.
وقد وجدت فتوى للشيخ ابن عثيمين في هذا الموضوع، مضمونها ما تقدم، وهذا نص الفتوى:
سئل فضيلة الشيخ: عن امرأة تود حضور الصلاة في المسجد الحرام ما دامت في مكة، ولكنها سمعت أن صلاة المرأة في بيتها أفضل حتى في المسجد الحرام، فهل يحصل لها عندما تصلي في بيتها من المضاعفة ما يحصل عندما تصلي في المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد الحرام، وصلاة الرجل النوافل في بيته أفضل من صلاتها في المسجد الحرام، ودليل ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام. ولفظ مسلم أو في بعض ألفاظه: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة.
ومع ذلك يقول في المرأة: بيوتهن خير لهن.
ويقول في الرجل في النوافل: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وكان هو صلوات الله وسلامه عليه يصلي النافلة في بيته، ويصلي الرواتب في البيت، يصلي صلاة الليل في البيت يوتر في البيت، والمسجد عنده ليس بينه وبين مسجده إلا أن يفتح الباب، ويدخل في المسجد ومع ذلك يقول: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما عداه.
ويصلي النوافل في البيت.
[«مجموع الفتاوى»( 15/124) للشيخ ابن عثيمين]