من المَكْفُوفِيْنَ
عددٌ من الصحابة فقدوا أبصارهم:
كعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وحسَّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وجابر بن عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، وأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وهذا مِن أعظم الابتلاءات، ولكن مَنْ صبر فهو على خير كبيرٍ، فقد ثبت عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: ايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ، وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا» رواه أبو داود (4263)، وهو في «الصحيح المسند» (1140) لوالدي رَحِمَهُ الله.
من ابتلي بفقد بصره فصبر فواهًا. واهًا: اسم فعل مضارع بمعنى: أعجب، ونسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ ابتلي بفقد بصره كما ذكر والدي رَحِمَهُ اللهُ؛ بسبب القراءة في الأوراق والبحوث، حتى ابيَضَّت عيناه رَحِمَهُ اللهُ وغفر له.
الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ فقد بصره كما في مقدمة «فتح الباري» ثم أعاد الله عَزَّ وَجَل له بصره؛ بسبب دعاء أمه له، وهذه كرامة عظيمة للإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ.
وهناك من يولد وهو أعمى كما ذكروا في ترجمة قتادة بن دعامة أنه ولد أكمه، ولكن من رحمة الله سُبحَانَهُ أن الله إذا أخذ نعمة عوَّض بغيرها، فقد عوض الله قتادة بن دعامة النباهة والذكاء وقوة الحافظية، وإقبال الناس على علمه.
ومن المعاصرين الشيخ ابن باز، وقد عوَّضه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بالعلم والبصيرة، حتى إنه يتكلم عن مسائل لا يدركها إلا من عنده حاسة البصر، فيتعجب من يسمع كلامه، ولا عجب؛ لأنه قذف الله نور العلم في قلبه، ورزقه نور البصيرة.
فسبحان ربنا جل جلاله ما أوسع رحمته وأعظم لطفه وإحسانه!