الصحابي الذي قُتِل وما صلى لله صلاة
قال الإمامُ البخاري في «صحيحه» بَابٌ: عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ القِتَالِ. ثُمَّ أخرج حديثَ البَرَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: «أَسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ»، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنْ عَمْرَو بْنَ أُقَيْشٍ، كَانَ لَهُ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ، فَجَاءَ يَوْمُ أُحُدٍ، فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟ قَالُوا بِأُحُدٍ، قَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالُوا بِأُحُدٍ، قَالَ: فَأَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ وَرَكِبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو، قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ، فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ، أَوْ غَضَبًا لَهُمْ أَمْ غَضَبًا لِلَّهِ؟ فَقَالَ: بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً.
أخرجه أبو داود (2537) وهو حديث حسن. وهو في «الصحيح المسند» لوالدي رحمه الله (1/رقم 1393).
وفي سيرة ابنِ إسحاق كَانَ يَقُولُ أبوهريرة: حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ: مَنْ هُوَ؟ فَيَقُولُ: أُصَيْرِمٌ، بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ الخ.
قال الحافظ ابن كثير في «الفصول»: الأُصيرمَ، وهو عمرو بن ثابت بن وَقَش تأخَّر إسلامُه إلى يومِ أُحُد، فأسلم يومئذٍ، وقاتل فقُتل قبلَ أن يسجدَ لله سجدةً، فأُخبر عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: عمِل قليلًا وأُجِر كثيرًا. اهـ.
قال السُّهيلي في «الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام» (6/ 12): وَقْش، وَيُقَالُ فِيهِ: وَقَشٌ بِتَحْرِيكِ الْقَافِ.
وقال الحافظ في «فتح الباري» تحت رقم (2808) وَقَشٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ. اهـ.
ويقال: أُقيش.