تحيُّن أهل الباطل فرصة ضعف الإنسان
عن كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث في قصة تخلف كعب عن غزوة تبوك، وفيه: أنه لما علم ملك غسان أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قد هجر كعب بن مالك أرسل إليه برسالة، قال كعب بن مالك: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا».
كان رسول ملك غسان في السوق يسأل: أين كعب بن مالك؟
فجعل الناس يشيرون إليه إشارة من غير كلام؛ لأنهم كانوا مأمورين بهجر كعب وصاحبَيه، والصحابة كانوا لا يخالفون للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أمرًا.
ولما قرأ الرسالة، قال كعب: «فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ، قَالَ فَقُلْتُ: حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيْضَا مِنَ الْبَلَاءِ فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا» رواه البخاري ومسلم.
نستفيد من هذا: أن أهل السوء يتحيَّنون فُرَص ضعف الإنسان؛ لأنه في حالة الضعف لا يثبت إلا من ثبته الله عَزَّ وَجَل.