التزهيد في الدنيا
عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ جُعِلَ مَثَلاً لِلدُّنْيَا، وَإِنْ قَزَّحَهُ وَمَلَّحَهُ، فَانْظُرُ إِلَى مَاذَا يَصِيرُ» رواه عبدالله بن أحمد في «زوائد المسند»(5/136). «الصحيح المسند» (1) مسند أبي بن كعب لوالدي رَحِمَهُ الله
النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يربي أصحابه ويعظ أصحابه في الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة في كثير من لقاءاته بأصحابه وجلوسه معهم؛ لما في الدنيا من الخطر على القلب والدين.
وهذا مثل عجيب يدل على أن آخر أمر الدنيا وعاقبتها إلى شيء كريه منتن، كالطعام الذي اعتنى به ووضع فيه الملح. «قَزَّحَهُ» وضع فيه المنكهات وما يسمى بالتوابل، كان آخر أمره إلى شيء منتن، منذ أن يدخل جوف ابن آدم، بل يذكر ابن القيم رَحِمَهُ الله فيما مرَّ معي، ما معناه: كلما كان الطعام أدسم كانت رائحته الكريهة أشد، وأنه لو تأخر إخراجه لانقلب عدوًّا قاتلًا. وهذه هي شهوة البطن، نسأل الله العافية.
وأول ما ينتن من الإنسان بطنه، كما روى البخاري (7152) عن جندب بن عبد الله موقوفًا، قال: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ.
وهذا فيه موعظة للمسلم أنه يتحرى أكل الحلال، فأول ما ينتن من الإنسان بطنه، فلا يغريه شهوة بطنه على أخذ الحرام.