الاعتبار بتفاوت الليل والنهار
قال الله سبحانه: ﴿﴿يُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ﴾ ﴾ قال ابن كثير: وَمَعنَى: إِيلَاجِهِ اللَّيلَ فِي النَّهَارِ وَالنَّهَارَ فِي اللَّيلِ إِدخَالُهُ مِن هَذَا فِي هَذَا وَمِن هَذَا فِي هَذَا فَتَارَةً يُطَوِّلُ اللَّيلَ وَيُقَصِّرُ النَّهَارَ كَمَا فِي الشِّتَاءِ وَتَارَةً يُطَوِّلُ النَّهَارَ وَيُقَصِّرُ اللَّيلَ كَمَا فِي الصَّيفِ. اهـ.
وهذا فيه الحث على الاعتبار بتفاوت الليل والنهار وتعاقبهما فهذا يذهب وهذا يأتي، وهذا يطول وهذا يقصر، والأعمار تمشي وتنقضي مع الأيام والليالي.
يَسُرُّ المرء ما ذهب الليالي... وكان ذهابهن له ذهابا
ويقول الآخر:
إِنَّا لَنَفرَحُ بِالأَيَّامِ نَقطَعُهَا ... وَكُلُّ يَومٍ مَضَى يُدنِي مِنَ الأَجَلِ
فالليل والنهار عبرة لمن اعتبر، وكذلك ما يحصل فيهما من البرد والحر أيضًا فيه عبرة وتخويف من النار؛ لأن هذا من نفَسَ جهنم كما روى البخاري (3260)، ومسلم (617) عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ «اشتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَت: رَبِّ أَكَلَ بَعضِي بَعضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَينِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمهَرِيرِ ».
و«الزَّمهَرِيرِ » البرد. وإذا كنا نتأذى من حر الدنيا وليس إلا نفَسٌ من أنفاس جهنم، ونتأذى من برد الدنيا وليس إلا نفس من أنفاس جهنم فكيف بنار جهنم؟! وقد ذكر الله برد النار وحرارتها فقال الله سبحانه: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَردًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) ﴾[النبأ].
﴿حَمِيمًا ﴾ الحميم: الماء الحار. ﴿وَغَسَّاقًا﴾ الزمهرير البارد.
ونستفيد: الحث على التزود من الخيرات، والاستعداد ليوم الرحيل بالطاعات.