جواز تقبيل الميت
عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنهم قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. رواه البخاري (4457).
وأخرجه أحمد(40/32)، من طريق يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، وَقَالَ: وَانَبِيَّاهْ، واخَلِيلَاهْ، وَاصَفِيَّاهْ.
وسند الإمام أحمد حسن؛ يزيد بن بابنوس. قَال الدَّارَقُطْنِيُّ: لا بأس به. «تهذيب الكمال»(32/92). وقد سمع من عائشة كما قال البخاري في « التاريخ الكبير»( 3174)، وقال ابن عدي في «الكامل»(9/169): سمعتُ ابنَ حماد يذكره عن البخاري، ثم قال ابن عدي: أحاديثه مشاهير. وباقي رجاله ثقات.
وهذا يفيد جواز الندب اليسير على الميت من غير نياحة.
قال القاري في « جمع الوسائل في شرح الشمائل»(2/209): هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَدِّ أَوْصَافِ الْمَيِّتِ بِصِيغَةِ الْمَنْدُوبِ، لَكِنَّهُ بِلَا نَوْحٍ. اهـ المراد.
وهذا كما روى الإمام البخاري (4462) عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: وَا كَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ»، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ، مَأْوَاهْ يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ.
والندب يقال: ندب الميت، بكاه وعدَّد محاسنه، والاسم الندب، لِما يتفجع عليه أو يتوجع منه، والمحاسن جمع حسن ضد القبح. ذكره ابن القاسم رَحِمَهُ الله في « حاشية الروض المربع»(3/158).