جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 16 أكتوبر 2021

(17) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين

تسأل أخت لي في الله عن هذه المسألة:

ما حكم تصرف المرأة في البيع والشراء من غير علم الزوج؟

الجواب

المرأة الرشيدة لها أن تتصرف في مالها من غير علم الزوج سواء كان هبة أو صدقة أو بيعا وشراء.

والدليل:

عن ميمونة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي، قَالَ: «أَوَفَعَلْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ» رواه البخاري(2592)، ومسلم(999).

فلم ينكر عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصرفها في وليدتها بالعتق، ولكن أرشدها إلى الأفضل.

عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  «خَرَجَ وَمَعَهُ بِلالٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ وَالخَاتَمَ، وَبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ» رواه البخاري(98)، ومسلم (884).

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الوَلاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» رواه البخاري(2168)، ومسلم (1504).

وليس في هذه الأحاديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهن بالاستئذان من أزواجهن.

فهذا يفيد: أن المرأة تتصرف في مالها إذا كانت رشيدة، وأنه لا يلزم استئذان الزوج.

وإذا جاز لها أن تتصرف في مالها بالهبة والصدقة جاز لها أن تتصرف فيه  بالبيع والشراء.

وقد دلَّ حديث عائشة على أنها كانت تريد أن تشتري بريرة ويكون ولاؤها لها، فلما اشترطوا أن يكون الولاء لهم أخبرت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إذا علمنا هذا، فيبقى الأفضل، وهو أن المرأة تستأذن من زوجها، وتتفاهم معه، من باب حسْن العشرة، وتطييبِ  خاطر الزوج، وخاصة إذا كان حليمًا كريمًا، معينًا لها على مصالحها وشؤونِها.