جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 7 أغسطس 2021

(108)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 كذب قول: أصل الإنسان قرد

من  فتاوى والدي  وابن باز رحمهما الله

هناك نظرية تقول: إن أصل الإنسان قرد، ثم بعد ذلك حصل له تطورٌ حتى أصبح إنسانًا، فما حكم الشرع في هذا القول حيث إنهم يسمونها نظرية داروين؟

ج /هذه النظرية تعتبر كفرًا، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿  لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾ [التين]، ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)﴾[الانفطار]، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل الآيات القرآنية في خلق آدم ، وهكذا أيضًا الأحاديث أن آدم كما في« صحيح مسلم»عند أن كان من الطين كان يمر به إبليس ويراه أجوف فيطمع فيه، وهكذا أيضًا في «الصحيحين» أن الله خلق آدم ثم لمَّا نفخ فيه الروح، قال له: اذهب إلى أولئك الملائكة، فسلم عليهم.

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿  هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ﴾[الأعراف:189]، فالقصد أن هذه النظرية تعتبر كفرًا، والله المستعان. وحرام حرام أن يُدرَّسها أبناء المسلمين.

[مقتطف من ش/ الأَسئِلَةُ الجِيُولُوجِيَّةُ مِنَ الجَامِعَةِ اليَمَنِيَّةِ لوالدي رحمه الله]

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في الجواب عن سؤال، كما في «فتاوى نور على الدرب»(1/83): دائما أقرأ وأسمع أن الإنسان قد كان قردا في البداية، ثم مر بمراحل وتحول إلى الإنسان العادي المعروف اليوم هل هذا من المعقول أم لا؟ وهل عناصر القرد، أي عناصر تكوين جسمه هي نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟.

ج: هذا القول الذي ذكره السائل قول منكر وباطل، ومخالف لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماع سلف الأمة. وقد اشتهر هذا القول عن المدعو (داروين) وهو كاذب فيما قال. بل أصل الإنسان هو الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردا ولا غير قرد، بل هو إنسان سوي عاقل خلقه الله من الطين من التراب؛ وهو أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله من تراب كما قال الله جل وعلا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾، فهو مخلوق من هذا التراب خلقه الله على صورته، طوله ستون ذراعا في السماء، ثم لا يزال الخلق ينقص حتى الآن، فهو مخلوق على الصفة التي نشاهدها، فأولاده كأبيهم مخلوقون على خلقة أبيهم، لهم أسماع، ولهم أبصار، ولهم عقول، ولهم القامة التي تعرف لهم الآن، يقومون على أرجلهم ويتكلمون ويسمعون ويبصرون ويأخذون بأيديهم ويعطون، وليسوا على شكل القردة، وليس تكوينهم تكوين قردة، بل لهم تكوين خاص، وللقردة تكوين خاص، وهكذا كل أمة، فالقردة أمة مستقلة، والخنازير أمة مستقلة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط، وهكذا غيرها أمم، كما قال الله عز وجل: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾. هذه الأمم كلها تحشر إلى الله، تجمع يوم القيامة ويقتص لبعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني ترابا فتكون ترابا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأن آخر يحاسبون ويجزون بأعمالهم، فمن أطاع ربه فإلى الجنة، ومن كفر به فإلى النار.

 أما هذه الحيوانات الأخرى فهي أمم مستقلة، فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك، والإبل كذلك، والبقر كذلك، والغنم كذلك، وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيم العليم، وهو أبصر بدقائق أمرها؛ ودقائق تكوينها هو أبصر بهذا سبحانه وتعالى، لكن يجب أن يؤمن العبد أن خلق آدم غير خلق القردة، وأن أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن وليس أصله قردا ولا غيره؛ بل هو إنسان سوي على خلقته المشاهدة، فالقول إن أصله قرد قول منكر، قول باطل، بل لو قيل بكفر صاحبه لكان وجيها، فالأظهر والله أعلم أن من قاله مع علمه بما جاء به الشرع أنه يكون كافرا؛ لأنه مكذب لله ورسوله ومكذب لكتاب الله في خلق آدم.