بسم الله الرحمن الرحيم
أخت تسأل وتقول: هل يجوز دفع عربون على جلباب نريد شراءه، وصاحبة البضاعة تطلب منها دفع عربون يكون نصف ثمن الجلباب؛ كي تطمئن أنها تريد شرائه فعلًا.وجزاك الله خيرًا.
إن كان المراد أنه إذا لم يمضِ البيع يعود المال للمشتري فهذا لا شيء فيه وليس فيه مانع.
وصورة بيع العُربُون ويقال له العُربَان المختلف فيه بين الفقهاء، كما في «النهاية» (3/ 202) لابن الأثير رَحِمَهُ الله: هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلعةَ ويَدْفَعَ إِلَى صاحبِها شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ أمْضى البَيع حُسِب مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يُمْضِ البيعَ كَانَ لصاحِب السِّلْعةِ وَلَمْ يَرْتَجِعْه الْمُشْتَرِي. يُقَالُ: أَعْرَبَ فِي كَذَا، وعَرَّبَ، وعرْبَنَ، وَهُوَ عُرْبَانٌ، وعُرْبُونٌ، وعَرَبُون. قِيلَ: سُمِّي بِذَلِكَ لأنَّ فِيهِ إِعْرَابًا لعَقْدِ البَيْع: أَيْ إصْلاحًا وإزَالة فَسادٍ؛ لِئَلَّا يَمْلِكه غَيْرُهُ بِاشْتِرَائِهِ.
وَهُوَ بيعٌ باطلٌ عِنْدَ الفُقَهاء، لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّرط والغَرَر. وأجازَه أحْمَد. ورُوي عَنِ ابْنِ عُمَرَ إجازَتُه. اهـ
قال القرطبي رَحِمَهُ الله في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء:29]:وَإِنْ تَرَكَ ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ فَمَا أَعْطَاكَ فَهُوَ لَكَ. فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْقِمَارِ وَالْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ. اهـ.
وهذا ترجيح والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله، فقد كتبت عنه: لا يجوز أخذ البائع العربون؛ لأنه من أخذ مال المشتري بغير حق.
ولا نستدل هنا بحديث النهي، وهو ما رواه الإمام مالك في «الموطأ» (2257)، عَنِ الثِّقَةِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ.
وهذا فيه مبهم . وجاء بلفظ: بلغني عن عمرو بن شعيب ... وهذا من بلاغات الإمام مالك رَحِمَهُ الله.