جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 20 سبتمبر 2020

(101) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


سائلة تقول:زادكِ الله من فضله نريد أن توضحي لنا معنى الآية في سورة البقرة:(واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ....الآية)

 فقد أشكل علينا بعد قراءة تفسير ابن كثير والسعدي رحمهما الله تعالى، هل هاروت وماروت ملكان أم شيطانان؟

وجزاكِ الله خيرًا.

الجواب

قال تعالى:﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 102].

اختلف أهل العلم في قوله:﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾.

فمنهم من قال:ما اسم موصول بمعنى الذي ،وقال: إن الآية تدل أن الملكين هاروت وماروت كانا يعلمان الناس السحر ابتلاء للعباد من الله وأنهما يقولان وقت تعليم السحر إنما نحن فتنة فلا تكفر،كما قال تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ﴾.وبابل موضع بالعراق.

ومنهم من قال:ما نافية أي أن الله عزوجل نفى عن الملكين تعليم السحر،وأن المراد ولم ينزل على الملكين..

والقول الأول اختيار جماعة من المحققين من أهل العلم،وهو قول السعدي رحمه الله في «تفسير هذه الآية»(102)من سورة البقرة،وهذا نصُّ كلامِه:

﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم، وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق، أُنزل عليهما السحر امتحانا وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر.

﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى ﴾ ينصحاه، و﴿يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ﴾أي:لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته، فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة.

فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين، والسحر الذي يعلِّمه الملكان، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين، وكل يصبو إلى ما يناسبه.اهـ

وقول الشيخ الألباني فقد قال رحمه الله:الشاهد في قصة هاروت وماروت كان الملوك يومئذ يستعينون بالسحرة، فربنا عز وجل أنزل الملكين ليجعلوا علم السحر علمًا عامًّا يعرفه الشعب برمته، حتى يعرفوا أن هؤلاء السحرة ما يأتون بشيء فوق طاقة بشر..  فلما عرفوا بطريق تعليم الملائكة أو الملكين لهم طريق السحر صاروا ما عاد ينغشوا بسحر السحرة، فنجوا من كيدهم ومن ضلالهم.اهـ من «موسوعة الألباني في العقيدة»(3/1108).والله أعلم.

وهو قول والدي الشيخ مقبل رحمه الله فقد استفدت منه:أن ما اسم موصول ،وأنهما ملكان مأموران بذلكَ امتحانًا واختبارًا للعباد.

وكان والدي ينبِّهُنا على أننا نأخذ بظاهر القرآن ،وأن  القصص المأخوذة عن أهل الكتاب في شأن هذين الملَكَين لا يجوز الأخذ بها.