جديد الرسائل

الاثنين، 20 يوليو 2020

(73)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

الدرس الرابع من دروس الحج من[سورة الحج (22):الآيات 28 إلى 29]

وهو الدرس الخامس عشر من دروس تفسير سورة الحج

﴿ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. قِيلَ: يَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، أَيْ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَيْ اتَّبِعُوا ذَلِكَ. «تفسير القرطبي»(12/56).

وفُسِّرتِ شعائر الله:بأوامر الله واجتناب نواهيه،وفسِّرت ب-دين الله كله. وهذا التفسير الثاني كما قال القرطبي في « تفسيره»(6/38): هُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ لِعُمُومِهِ.

وقد ذكر الحافظ  ابن كثير في «تفسير هذه الآية » بعضَ أحكام الأضاحي،لأن الأضاحي شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام،وهذا خلاصته مع بعض الزيادات المهمة فيه:

مِنْ تعظيم شعائر الله:

تَعْظِيمُ الْهَدَايَا وَالْبُدْنِ.

استسمان الهدايا والأضاحي:قَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ويستحب أن تكون الأضحية بيضاء فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» هذا الحديث ذكره الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1861).

وَالْعَفْرَاءُ هِيَ الْبَيْضَاءُ بَيَاضًا لَيْسَ بِنَاصِعٍ،وَلكن غَيْرُهَا يُجْزِئُ أَيْضًا لِمَا رواه الْبُخَارِيّ ومسلم عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ.

 (أَمْلَحَيْنِ): الأملح الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: النقي البياض،كما في النهاية.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ، يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ، رواه أهل السنن وصححه الترمذي. وهذا الحديث رواه مسلم (1967) عن عائشة بدون لفظة (فحيل). والفحيل أي: كامل الخلقة لم تُسل أنثياه.

وفيه استحباب التضحية بما كان على هذا الوصف.

وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أقرنين أملحين موجوءين» الشيخ الألباني رحمه الله يصحح الحديث في «إرواء الغليل» (1147).

(مَوْجُوءَيْنِ) قيل: أي: خَصِيَّين، كما في «النهاية»(5 / 152). والخصي الذي نُزعت أنثياه. وَقِيلَ اللَّذَانِ رُضَّ خُصْيَاهُمَا وَلَمْ يَقْطَعْهُمَا. قال ابن الأثير في «النهاية»(5 / 152): الْوِجَاءُ: أنْ تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْل رَضّاً شَديدا يُذْهِبُ شَهْوةَ الجِماع. اهـ.

وفائدة الخِصاء للحيوان: أنه يكون أحسن من غيره وأجود، يعني: يكون سمينًا ولحمه أطيب وألذ،ولأنه كما يقولُه أهل الخِبْرة:يكون على الحيوانات المخصية هدوء ما يأكل بعضها بعضًا بالتناطح والعُنف،وتقبِل على أكلِها وشربِها، وفيه أيضًا مصلحة تجارية، فهذا يمشي في السوق، وقد جاءالدليل بهذا وهذا في الأضحية،وهذا يدل على تعدد الحالات.

وقد قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار»(5 / 142) عن حديث التضحية بالموجوء: «وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم التَّضْحِيَةُ بِالْفَحِيلِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَيَكُونُ الْكُلُّ سَوَاءً. » ا ه. هذا اختيار الإمام الشوكاني أن الكل سواء.

أما من حيث التضحية بالموجوء فقال ابن قدامة في «المغني»:(2743)عن جواز التضحية به:وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.

وأيهما أجود ؟ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «أحكام الأضحية» (2 / 230): الفحل أفضل من الخصي من حيث كمال الخلقة، لأن جميع أعضائه لم يفقد منها شيء، والخصي أفضل من حيث أنه أطيب لحما في الغالب. ا ه.

ونستفيد من هذا:جواز خصي الحيوان للحاجة والمصلحة،كالرغبة في زيادة سمنها وجودة لحمها.

لكن يُراعى في ذلك الرفق بالحيوان،فيكون بطريقة سهلة سريعة،يقوم بها أهل الخبرة.

وقد ورد النهي عن إخصاء الخيل والبهائم.روى الإمام أحمد(4769)عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِخْصَاءِ الْخَيْلِ وَالْبَهَائِمِ "،لكنه حديث ضعيف فيه عبد الله بن نافع مولى ابن عمر،وهو ضعيف.

وجاء موقوفًا على عبد الله بن عمر.

ونقل النووي في «شرح صحيح مسلم»(9/177)عن الْبَغَوِيِّ:يَحْرُمُ خِصَاءُ كُلِّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ،وَأَمَّا الْمَأْكُولُ فَيَجُوزُ خِصَاؤُهُ فِي صِغَرِهِ وَيَحْرُمُ فِي كِبَرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.اهـ وهذا يُنظر فيه.

 أما خصي ابن آدم فهذا لا يجوز، فقد روى البخاري(5073)، ومسلم (1402)عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ،قَالَ:«رَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا».

قال الحافظ في «فتح الباري »:هو نَهْيُ تَحْرِيمٍ بِلَا خِلَافٍ فِي بَنِي آدَمَ.اهـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحاديث في عيوب الأضاحي

-عن علي رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وأن لا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خرقاء. رواه أحمد وأهل السنن، وصححه التِّرْمِذِيُّ.

ذكر الحديث الشيخ الألباني في «ضعيف أبي داود-الأم »واستثنى منه:جملة العين والأذنين،وقال:هي صحيحة.

 ومعنى« أن نستشرف العين والأذن »أَيْ: نَتأمَّل سًلاَمَتهما مِنْ آفَةٍ تَكُونُ بِهِمَا.كما في «النهاية».

-عن علي رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُضَحِّيَ بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ»،هذا إسناده ضعيف، فيه جري بن كليب، وقد قال أبو حاتم:شيخ لا يُحتج به ، كما في «تهذيب الكمال» وأثنى عليه قتادة خيرًا أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير»(2 / 244).ولكن الراوي عن قتادة أبو جعفر، وهو الرازي ضعيف.

عضباء القرن والأذن: أي أن يذهب النصف.

ومن قال:لا يُضحَّى بمكسورة القرن، فعمدته هذا الحديث الضعيف.

قال النووي في «شرح صحيح مسلم»(13/120):اخْتَلَفُوا فِي مكسورة القرن فجوزه الشافعى وأبو حنيفة والجمهور سواء كان يدمى أم لا،وكرهه مَالِكٌ إِذَا كَانَ يُدْمِي وَجَعَلَهُ عَيْبًا.اهـ

- عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ، أنه قال لعَلِيٍّ فَمَكْسُورَةُ القَرْنِ، قَالَ: لَا بَأْسَ «أُمِرْنَا، أَوْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ العَيْنَيْنِ وَالأُذُنَيْنِ» رواه الترمذي(1503)،وفي إسناده شريك بن عبد الله النخعي ضعيف لكن قد تابعه سفيان الثوري،كما في « الكبرى»(9/462) للبيهقي فالأثر حسن والله أعلم. وقد قال أبو حاتم في حُجية: شبه مجهول، لا يحتج به،لكن قال الذهبي في «ميزان الاعتدال»:هو صدوق إن شاء الله..

-عن البراء بن عازب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تَنْقَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، وصححه الشيخ الألباني، والحديث يدل على أنه لا يجوز ولا يجزئ أربع من الأضاحي، قال ابن قدامة في «المغني»(9 / 441) «أَمَّا الْعُيُوبُ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ، فَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّهَا تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. اهـ.

«العوراء البين عورها»قال الشيخ ابن عثيمين في «أحكام الأضحية والذكاة» (2/ 237): العوراء البين عورها، وهي التي انخسفت عينها أو برزت، اهـ المراد.

«الكسيرة»: الهزيلة. «التي لا تنقي» أي: التي لا مخ لها.

السبب في النهي عن الأضحية بهذه الأربع، قال ابن كثير:وَهَذِهِ الْعُيُوبُ تَنْقُصُ اللَّحْمَ لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا عَنِ اسْتِكْمَالِ الرَّعْيِ لِأَنَّ الشَّاءَ يَسْبِقُونَهَا إِلَى الْمَرْعَى، فَلِهَذَا لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَرِيضَةِ مَرَضًا يَسِيرًا عَلَى قَوْلَيْنِ.

-عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُصْفَرَّةِ وَالْمُسْتَأْصَلَةِ وَالْبَخْقَاءِ وَالْمُشَيَّعَةِ وَالْكَسْرَاءِ. هذا الحديث في إسناده أبو حميد الرُّعيني ويزيد ذو مصر وهما مجهولان،ولهذا ذكره الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «ضعيف أبي داود-الأم»(2/376).

قال ابن كثير:فَالْمُصْفَرَّةُ قِيلَ الْهَزِيلَةُ، وَقِيلَ المستأصلة الأذن -التي قطعت أذنها فلم يبقَ إلا صماخ الأذن-، والمستأصلة مكسورة الْقَرْنِ، وَالْبَخْقَاءُ هِيَ الْعَوْرَاءُ، وَالْمُشَيَّعَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَزَالُ تُشَيَّعُ خَلْفَ الْغَنَمِ وَلَا تَتْبَعُ لِضَعْفِهَا، وَالْكَسْرَاءُ الْعَرْجَاءُ، فَهَذِهِ الْعُيُوبُ كُلُّهَا مَانعَةٌ من الإجزاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعيين الأضحية:

تعيِيْنُ الأضحية يكون بواحد من أمرين، كما ذكر الشيخ ابن عثيمين: في «أحكام الأضحية» (2 / 245):

أحدهما: اللفظ بتعيينها أضحية بأن يقول: هذه أضحية قاصدا بذلك إنشاء تعيينها.

الثاني: ذبحها بنية الأضحية، فمتى ذبحها بنية الأضحية؛ ثبت لها حكم الأضحية، وإن لم يتلفظ بذلك قبل الذبح، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو مذهب الشافعي، أعني أن الأضحية تتعين بأحد هذين الأمرين.

ثم نبه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: على شراء الأضحية أنها لا تكون أضحية بمجرد الشراء كمثل من اشترى عبدًا ليعتقد لا يكون بمجرد شراء العبد يعتق.

مسألة: إذا عين أضحية سليمة من العيوب ثم طرأ عليها العيب، انكسرت رجلها مثلًا، أو قُطعت أليتها..إلى غير ذلك، قال ابن كثير: فأما إن طَرَأَ الْعَيْبُ بَعْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يضر عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ الْأَلْيَةَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «ضَحِّ بِهِ»] هذا الحديث رواه ابن ماجه (3146) وأحمد (17/374) من طريق جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وجَابِر هو الجعفي ضعيف، وكذبه بعضهم وكان يؤمن بالرجعة.

ومُحَمَّد بْن قَرَظَة: مجهول عين. فالحديث ضعيف.

وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذه المسألة أنه إذا كان هذا العيب الطارئ من غير تفريط منه فتجزؤه، وإن كان طرأ عليها العيب بسبب تفريط منه فلا تجزئ، كما «أحكام الأضحية».

وغالبًا أن الذي يعين الأضحية يكون في أشد الاهتمام بالأُضحية وسلامتها،فإذا كان كذلك وطرأ عليها العيب فإنه لا يؤثر ولا يضر.

أما إذا نذر أن يضحي ثم بعد تعيين الأضحية طرأ عليه العيب،فقال الشيخ ابن عثيمين:إن كانت واجبة في ذمته قبل التعيين كما لو نذر أن يضحي ثم عين عن نذره شاة فتعيبت بدون فعل منه ولا تفريط وجب عليه إبدالها بسليمة تجزئ عما في ذمته، لأن ذمته مشغولة بأضحية سليمة قبل أن يعينها، فلا يخرج من عهدة الواجب إلا بأضحية سليمة.اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلاصة ما يسر الله عز وجل في  الأضاحي مما تقدم مع بعض الإضافات:

·    استحباب اختيار الأضحية واستسمانها فإن هذا من تعظيم شعائر الله.

·    استحباب التضحية بكبش فحيل، ويجوز التضحية بالموجوء. جاءت الأدلة بهذا وهذا. جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بموجوء وضحى بفحيل.

·    استحباب اختيار اللون الأبيض في الأضحية أو يكون بياضها أكثر من سوادها.

·    أن من الألوان المستحبة في الأُضحية أن يكون قوائمها سوداء وما حول عينها أسود وفمها أسود.

·    أن الأقرَن في الأضحية أفضل من الأجم،والأقرن يدل على القوة. والأجم:الذي لم يُخلَق له قرن.

والتضحية بالجماء جائز.قال ابن عبد البر في «التمهيد»(20/171): أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ بِالْجَمَّاءِ جَائِزَةٌ.

·    جواز الأضحية بكبش واحد، كما جاء عند مسلم عن عائشة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ. ويستحب أن تكون الأضحية بكبشين للحديث الذي رواه البخاري(5558)،ومسلم (1966) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ».

·    أن الكبش الواحد في الأُضحية يجزئ عن البيت الواحد حتى لو كثر عددهم، هذا يدل له حديث أبي سعيد وعائشة السابِقَيْنِ.

أما في الهدي فما يُجزئ الكبش إلا عن شخصٍ واحدٍ،أما في الأُضحية فيجزئ الكبش عن الرجل وأهل بيته.

·    لا يجوز الاشتراك في كبش واحد ولا في سُبع بقرة ولا بدنة على أنها أضحية عنه وعن شريكه؛ لأن هذا لم يأتِ به دليل، والأضاحي من شعائر الله لا يُتعدى المأذون فيها. أحيانًا يقول بعض المتحابين من أقرباء أو جيران أو أصحاب: ابدأ واذبح أضحيتك وتقسم بيننا، وفي اليوم الآخر أذبح أضحيتي، هذا لا يجوز.

أما الاشتراك في الأجر يكون المالك للأضحية واحدًا ويُشرِك من يريد في الأجر، كأن يشرك في الأجر والديه أو بعض أقربائه أو بعض الأموات أو جميع المسلمين فهذا لا بأس به،لِما روى الإمام مسلم (1967) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها الحديث وفيه «وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ». كما في «أحكام الأضحية والذكاة»(2/230) للشيخ ابن عثيمين.

·    أن الأضحية وكذا الهدي تكون من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، والغنم يشمل الضأن والمعز. والبقر والإبل يشترك فيها سبعة،سواء في الهدي أو في الأُضحية،يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه،أمرنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ. رواه مسلم (1213).

وقد جاء في «الصحيحين» رواه البخاري ( 2488 )،ومسلم (1968)عن رافع بن خديج،الحديث وفيه:« فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالقُدُورِ، فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ»

عن ابن عباس قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ النَّحْرُ، فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَعِيرِ عَنْ عَشْرَةٍ وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ».رواه النسائي(4392) وهو في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» لوالدي رحمه الله.

وظاهر حديث ابن عباس أنه يجزئ الجزور عن عشرة في الأضحية، وذهب إلى هذا سعيد بن المسيب وإسحاق بن راهويه. وقال جمهور العلماء: هذا في قسمة الغنائم، أما في الأضاحي فلا يجزئ البعير إلا عن سبعة.

قال ابن قدامة في «المغني»(9/438):أَمَّا حَدِيثُ رَافِعٍ، فَهُوَ فِي الْقِسْمَةِ، لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ.

·    يستحب في الأضحية أن تكون أغلى ثمنًا.

·    يشترط أن تكون سالمة من هذه العيوب الأربعة:عن البراء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تَنْقَى» وألحق بها أهل العلم ما في معناها وما كان من باب أولى، مثل: العمياء لا تجزئ،والتي رجلها مكسورة،والتي هي مُقعدة لا تقدر على المشي..

·    استحباب تولِّي صاحب الأضحية وكذا الهدي الذبح بيده.