جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 18 يونيو 2020

(1)من أحكام الجنائز

يتبع الميت ثلاثة

 

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ»رواه البخاري(6514)،ومسلم (2960).

هذا الحديث العظيم:

فيه بيان أن الإنسان مآله إلى الموت.

وأنه عند تشييعه وحملِه إلى قبره يتبعه ثلاثة:

 أهله من أولاد وأقرباء،وماله كالخدم والعبيد،وعمله من خير أو شر.

أما أهله وماله فيرجعون ويبقونه وحيدًا في قبرِه.

وأما عمله فيبقى معه في قبره.

الحث على الإحسان في العمل لأنه الذي يلازم صاحبه في قبره ويكون سببًا لنجاته.

وبعد هذه الكلمات أحببت أن أردفَها بشرحٍ مختصَر من كلمات لابن رجب في شرح هذا الحديث،فإنه قد أفرده برسالة قيمة،وهي ضمن «مجموع رسائل ابن رجب»(2/421)،يقول رحمه الله:تفسير هذا-الحديث-: أن ابن آدم في الدُّنْيَا لا بُدَّ له من أهل يعاشرهم، ومال يعيش به، فهذان صاحبان يفارقانه ويفارقهما.

فالسعيدُ من اتخذ من ذلك ما يعينه عَلَى ذكر الله تعالى، وينفعه في الآخرة،فيأخذ من المال ما يبلغ به إِلَى الآخرة، ويتخذ زوجة صالحة تعينه عَلَى إيمانه.

 فأمَّا من اتخذ أهلاً ومالاً يشغله عن الله تعالى، فهو خاسرٌ،كما قال تعالى:﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

 فَإِذَا مات ابن آدم، وانتقل من هذه الدار لم ينتفع من أهله وماله بشيء، إلا بدعاء أهله له واستغفارهم، وبما قدَّمه من ماله بين يديه.

قال الله تعالى:﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

فأمَّا إِنَّ خلف من يدعو له من أهله، أو قدَّم شيئًا من ماله فإنَّه ينتفع به.كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ.

فأهله لا ينفعه منهم بعد موته إلا من استغفر له ودعا له، وقد لا يفعل.

وقد يكون الأجنبيُّ أنفع للميت من أهله، كما قال بعض الصالحين: وأين مثل الأخ الصالح؟! أهلك يقتسمون ميراثك، وهو قد تفرَّد بحزنك، يدعو لك، وأنت بين أطباق الأرض.

فمن الأهل من هو عدو كما قال الله تعالى:{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}.

ومنهم من يشتغل عن الميت بحصول ميراثه كما قيل:

تمرُّ أقاربي جنبات قبري ... كأنَّ أقاربي لا يعرفوني

وذووا الميراث يقتسمون مالي ... ولا يألون إِن جحدوا ديوني

الخ كلامه رحمه الله.