جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

(29) العلم وفضلُه


                                                 العلماء مصابيح يضيئون للناس


عن  عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عبد الله بْنَ عَمْرٍو، مَارٌّ بِنَا إِلَى الحَجِّ، فَالقَهُ فَسَائِلْهُ، فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ   عِلْمًا كَثِيرًا. قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ  ، قَالَ عُرْوَةُ: فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ  ، قَالَ: إِنَّ اللهَ لَا يَنْتَزِعُ العِلْمَ مِنَ النَّاس انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العُلَمَاءَ؛ فَيَرْفَعُ العِلْمَ مَعَهُمْ، وَيُبْقِي فِي النَّاس رُءُوسًا جُهَّالًا، يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ



. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ، أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ، قَالَتْ: أَحَدَّثَكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ   يَقُولُ هَذَا؟

قَالَ عُرْوَةُ: حَتَّى إِذَا كَانَ قَابِلٌ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ، فَالقَهُ، ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنِ الحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ لَكَ فِي العِلْمِ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ، فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ، فِي مَرَّتِهِ الأُولَى، قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ، قَالَتْ: مَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ، أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَنْقُصْ. أخرجه البخاري (7307) ،ومسلم (2673) واللفظ لمسلم.



روى ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص22): حدثني أبي، نا هارون بن سعيد الأيلي بمصر، قال: سمعت ابن وهب وذكر اختلاف الأحاديث والروايات.

فقال: لولا أني لقيت مالكًا والليث لضللت.

هذا أثرٌ صحيح.

ومالك بن أنس الذي لقيه ابن وهب:أبوعبدالله إمام دار الهجرة.

الليث هو:ابن سعد أبوالحارث الفهمي عالم مصر ومفتيها.

وابن وهب صاحب الأثر:عبدالله بن وهب لُقِّبَ بديوان العلم.



قال الآجري رحمه الله في «أخلاق أهل القرآن»(19): «مَا ظَنُّكُمْ ـ رَحِمَكُمُ اللَّهُ ـ بِطَرِيقٍ فِيهِ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ ، وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى سُلُوكِهِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ،فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِصْبَاحٌ وَإِلَّا تَحَيَّرُوا ، فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهِ مَصَابِيحَ تُضِيءُ لَهُمْ ، فَسَلَكُوهُ عَلَى السَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ طَبَقَاتٌ مِنَ النَّاسِ لَابُدَّ لَهُمْ مِنَ السُّلُوكِ فِيهِ  فَسَلَكُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ  إِذْ طُفِئَتِ الْمَصَابِيحُ  فَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِهِمْ؟

 هَكَذَا الْعُلَمَاءُ  فِي النَّاسِ لَا يَعْلَمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَيْفَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ ،وَكَيْفَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَلَا كَيْفَ يُعْبَدُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ مَا يَعْبُدُهُ بِهِ خَلْقُهُ إِلَّا بِبَقَاءِ الْعُلَمَاءِ ،فَإِذَا مَاتَ الْعُلَمَاءُ تَحَيَّرَ النَّاسُ، وَدَرَسَ الْعِلْمُ بِمَوْتِهِمْ،وَظَهَرَ الْجَهْلُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ،مُصِيبَةٌ مَا أَعْظَمَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟».