جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 25 يوليو 2019

(3)أسئلة في الحج والعمرة





تسأل إحدى النساء عن نفقة الحج هل هي واجبة على الزوج أم لا؟

ج:أما الوجوب فلا يجب عليه أن يحج بها أو يدفع عنها تكاليف الحج.

ولكن يستحب استحبابًا مؤكدًا أن يقوم بذلك لأن:

هذا من حُسْن العشرة.

ولهذا حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنسائه التسع في حجة الوداع،وهو القائل: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي  (3895)

فيه إدخال الفرح والسرور على الزوجة وزيادة الأُلفة والمودة،فإن الإحسان والعطاء يجلب المحبة،حتى إن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «شرح العقيدة الواسطية»(1/242)يقول في سياق أسباب محبة العبد ربه:وأعتقد لو أن أحدًا أهدى إليك قلمًا لأحببته، فإذا كان كذلك فأنت انظر نعمة الله عليك،النعم العظيمة الكثيرة التي لا تحصيها، تحب الله.اهـ 

فيه أجرٌ عظيم فهو يدخل في الحث على قضاء حوائج الناس ومنفعتهم.

فإذا كان الرجل قادرًا على ذلك فليحسِن وليكرم المرأة الضعيفة التي أوصى الله بالرفق بها والإحسان إليها،ولا يبخل بنفسه أو بماله فإن من شِيَمِ الكرام مكافأة الإحسان بالإحسان[والله سبحانه بَرٌّ يحب البر وأهله،ومن رفق بعباده رفق به، ومن رحم خلقه رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه،ومن جاد عليهم جاد عليه،ومن نفعهم نفعه،ومن منعهم خيره منعه خيره،فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه،ولهذا جاء في الحديث«من ستر مسلمًا ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه.. فكما تدين تدان.

وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت لعباده].اهـ المراد من الوابل الصيب(36)لابن القيم.


وإذا كان هذا في آحاد الخلق من المسلمين فكيف بالزوجة:
 أم الأولاد،شريكة الحياة،القائمة بشؤون الزوج من خدمة وطبخٍ ونظافة وما يحتاج إليه،تسعد لسعادته وتحزن لحزنه..إن هذا ليؤكِّد حق المرأة على زوجها في القيام بنفقة حجها. 


أما إذا كان هناك شرط على الرجل في العقد أن يحج بها والتزَم به فإنه يجب عليه،وفاءً بوعده .قال تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾[المائدة:1].

وروى البخاري(2721)،ومسلم (1418)عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ».


وبعد تقرير هذا فإليكم فتوى بعض علمائنا في هذه المسألة.

سُئِل الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(16/394) عن هذه المسألة فأجاب:

لا يجب على الزوج دفع تكاليف حج زوجته، وإنما نفقة ذلك عليها إذا استطاعت، لقول الله عز وجل:﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾.

وقول النبي  صلى الله عليه وسلم  لما سأله جبرائيل  عليه السلام عن الإسلام قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا».

 خرجه مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب  رضي الله عنه.

وهذه الآية الكريمة والحديث الشريف يعمان الرجال والنساء، ويعمان الزوجات وغير الزوجات،لكن إذا تبرع لها بذلك فهو مشكور ومأجور.اهـ

في فتوى اللجنة الدائمة(11/35): لا يلزم الزوج شرعا بنفقات حجها وإن كان غنيا، وإنما ذلك من باب المعروف، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته.

وفي موضعٍ آخر من فتوى اللجنة الدائمة وعلى رأسهم الشيخ ابن باز (11/94): لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها، ولكن بذله من باب حُسن العشرة ومكارم الأخلاق، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة..


وفي سلسلة الهدى والنور بما معناه يذكر الشيخ الألباني: أنه لا يجب على الرجل أن يقوم بتكاليف الحج لامرأته ولا بعلاجها لأن الدليل جاء في شيءٍ مخصوص.

وفي «مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين»(21/208) في الجواب عن سؤال:هل يجب على الرجل أن يحج بزوجته فيكون محرما لها، وهل هو مطالب بنفقة زوجته أيام الحج؟

فأجاب: لا يجب على الزوج أن يحج بزوجته إلا أن يكون مشروطًا عليه حال عقد الزواج، فيجب عليه الوفاء به، وليس مطالبًا بنفقة زوجته، إلا أن يكون الحج فريضة، ويأذن لها فيه، فإنه يلزمه الإنفاق عليها بقدر نفقة الحضر فقط.اهـ

وسئل الشيخ ابن عثيمين:رجل توفيت زوجته ولم تحج مع أن زوجها الآن قادر على الحج ويريد دفع قيمة الحج لمن يقوم بأداء الحج عنها فهل يؤجر على ذلك؟ وهل الأفضل أن يقوم بالحج هو بنفسه عنها أم يوكل؟

الجواب:الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يأتي بالنسك على وجهه الأكمل الذي يحبه، ولكن إذا كان لا يرغب بذلك ووكل من يحج عنها فهو على خير فقد أحسن إليها، وليس بغريب أن يحسن الإنسان إلى زوجته التي كانت قرينته في الحياة وشريكته في الأولاد،أما الوجوب فلا يجب عليه.[اللقاء الشهري لابن عثيمين].