رمضان
شهر المغفرة والتوبة
إن من
فضل الله وجوده ومنَّتِه على عبده المسلم
أن جعل هذا الشهر المبارك من مكفِّرات الذنوب،ومن أسباب محو الذنوب من صحائف الأعمال.
عن
حذيفةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«فِتْنَةُ
الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ
وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ».رواه البخاري(1895)، مسلم (4ص2218)،وبوب عليه البخاري:بَابٌ: الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ.
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ،رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى
الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا
اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».رواه مسلم (233).
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ». أخرجه البخاري (38)، ومسلم (760).
عن أبي
هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «رَغِمَ أَنْفُ
رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ
عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ
رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ». أخرجه
الترمذي (3545) وهو في «الصحيح المسند» (2/104) لوالدي رَحِمَهُ اللَّهُ.
ورواه
البخاري في «الأدب المفرد»(646)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ» ،
قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: "
قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا
لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ
دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ:
رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ:
آمِينَ ".
(رَغِمَ
أَنْفُ)أي التصقت أنفه بالتراب.
دعا
الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث على من أدركه رمضان وانتهى وهو
لم يُغفر له،لأن هذا دليل أنه محروم وبعيد عن الخير،يفوته مغفرةُ الذنوب في
هذا الشهر،ويفوته الأجر والربح في شهرِ المغفرة والتوبة وشهر المسابقة إلى الجنة.
فهذه
فرصة عظيمة،وتجارة رابحة،ولا يهلك على الله إلا هالك.
واحمدِ
الله أيها العبد المسلم إذ أنعم عليك بإدراك هذه الأيام فاحرص أن تُغفر ذنوبُك في
هذا الشهر،وما أسرع الأيام في الأعوام ،فها هو قد ذهب ثلث رمضان،وانتهت العشر
الأُولى ولم يبقَ إلا عشرون يومًا.
نسأل
الله أن يمُنَّ علينا بمغفرة الذنوب في هذا الشهر وأن يرزقنا الفوز ببركاته
وخيراته.
تنبيه
يشكل على
ما تقدم من كون صيام رمضان كفارة للذنوب هذا الحديث الآتي:
عن أبي هُرَيْرَةَ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ الْعَمَلِ كَفَّارَةٌ، إِلَّا الصَّوْمَ،
وَالصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ »رواه أحمد (16/75).وسنده صحيح .
وقد أجاب
عنه الحافظ في«فتح الباري»(تحت رقم 1895)وقال: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ
إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ وَزِيَادَةُ ثَوَابٍ عَلَى الْكَفَّارَةِ،
وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِالصِّيَامِ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ مَا وَقَعَ خَالِصًا
سَالِمًا مِنَ الرِّيَاءِ والشوائب ، وَالله أعلم .اهـ