بارك ربي فيك وزادك
علما هذه أخت تسأل
عن حكم قراءتها القرآن
أيام العذر الشرعي؟
الجواب
يجوز قراءة القرآن
للحائض والجنب.
والدليل حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَذْكُرُ إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا
سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي
لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:
«فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا
يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي».رواه
البخاري (305)،ومسلم (1211).
وروى مسلم (373)
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ».
وهذا الحديث عام لأن
الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره،قال تعالى:{إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
[الحجر: 9] .
وهذا اختيار الإمام
البخاري فقد قال في «صحيحه»: بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا
إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ .ثم ذكر حديث عاشة المتقدم « فَافْعَلِي مَا
يَفْعَلُ الحَاجُّ ..».
قال الحافظ في «فتح
الباري»بعد كلامٍ لبعضهم في المراد من تبويب البخاري: وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَه
ابن رَشِيدٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ: إِنَّ مُرَادَهُ
الِاسْتِدْلَالُ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ بِحَدِيثِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ جَمِيعِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ إِلَّا الطَّوَافَ .
ثم ذكر الحافظ أنه
قَالَ بِالْجَوَازِ الطبري وابن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ .اهـ.
قلت: وفقه الإمام
البخاري في تراجمه.
وهذا قول ابن حزم في
«المحلى»مسألة(116)قال:لأن ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَفْعَالُ خَيْرٍ
مَنْدُوبٌ إلَيْهَا مَأْجُورٌ فَاعِلُهَا، فَمَنْ ادَّعَى الْمَنْعَ فِيهَا فِي
بَعْضِ الْأَحْوَالِ كُلِّفَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبُرْهَانِ.اهـ.
وذهب إليه الشيخ
الألباني ،قال رحمه الله في حاشية «حجة النبي صلى الله عليه وسلم»(68) عن حديث
عائشة :«افعلي ما يفعل الحاج ..»:فيه دليل على جواز قراءة الحائض للقرآن لأنها بلا
ريب من أفضل أعمال الحج وقد أباح لها أعمال الحاج كلها سوى الطواف والصلاة ولو كان
يحرم عليها التلاوة أيضا لبين لها كما بين لها حكم الصلاة بل التلاوة أولى بالبيان
لأنه لا نص على تحريمها عليها ولا إجماع بخلاف الصلاة فإذا نهاها عنها وسكت عن
التلاوة دل ذلك على جوازها لها لأنه تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو
مقرر في علم الأصول، وهذا بين لا يخفى والحمد لله.اهـ ،وله كلامٌ في «تمام المنة»(116-118)على
جواز قراءة الجنب القرآن .
وهو قول والدي الشيخ
مقبل .
ويُؤيِّد ترجيح هذا
القول:استصحاب البراءة الأصلية،فالأصل الجواز.
ثم الحائض أحوج ما يكون
إلى قراءة القرآن لِتحافظ على قلبها من الغفلة،ولتتحصن به.
وأيضًا تستشفي بقراءة القرآن في زوال الكربة والضيق
والتغير الذي يعتري المرأة في ذلك الحال.
وأما الحديث الذي
رواه أبوداود(229)عن علي بن أبي طالب أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ».فهو
حديث ضعيف فيه عبدالله بن سلِمة هو
المرادي :ضعيف.
ونسأل الله أن يرزقنا
تلاوة القرآن آناء الليل وآناء النهار وخاصة في شهر رمضان شهر القرآن،وأسأله سبحانه أن يجعله نورًا وحجةً لنا لا علينا.