جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 19 يوليو 2018

(48)الإجابةُ عن الأسئلةِ


س:قد جاءت أحاديث دلت على أن  التسوُّل مذموم.
لكن الإشكال عندنا هل كل التسول حرام ،مثلا نطلب الملح أو ثمرة أو الشيء اليسير من الجيران أو التسوُّل خاص بطلب المال عند غيره فقط.
وما هو ضابط التسوُّل المذموم حتى لا نقعَ في محرم ؟

ج:الأصل في سؤالِ الناس المنع. روى مسلم  (1043) عن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟» وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟» فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا» فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ.

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:فِيهِ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ لِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنِ السُّؤَالِ فَحَمَلُوهُ عَلَى عُمُومِهِ، وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى التَّنْزِيهِ عَنْ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى سُؤَالًا وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ
وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ:{إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ}.

أما سؤال الناس المال فالله عزوجل يقول{وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)}[محمد].قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى(10/182):الْعَبْدُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ رِزْقٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ فَإِذَا طَلَبَ رِزْقَهُ مِنْ اللَّهِ صَارَ عَبْدًا لِلَّهِ فَقِيرًا إلَيْهِ وَإِنْ طَلَبَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ صَارَ عَبْدًا لِذَلِكَ الْمَخْلُوقِ فَقِيرًا إلَيْهِ. وَلِهَذَا كَانَتْ "مَسْأَلَةُ الْمَخْلُوقِ " مُحَرَّمَةً فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ.اهـ

وعلى الإنسان أن يدعو ربه الذي يحب من عبده أن يسأله.
بخلاف المخلوق فسؤاله مهانة وذلَّة، وإذا أعطاه مرة أو مرتين  سَئِمَ وشحَّ بما في يده، حتى لو كان أدنى شيء.

ولو سُئِل الناس التراب لأوشكوا..إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

أما من احتاج إلى معونة جاره كالشيءالذي ينقص فيطلب من جاره هذا لا بأس به  إذا علم  من جاره السماحة وعدم التضايق،ويكونُ من غير إكثار.

هناك العارية ،يستعير من جاره أو صاحبه أو أخيه المسلم شيئًا ثم يرده إذا أتمَّ حاجته لأنَّ العارية:هِبَةُ الْمَنَافِعِ دُونَ الرَّقَبَةِ كما عرَّفها الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري.هذا ليس من هذا الباب لأن العارية مشروعة.

وقد بوب الإمام البخاري بَابُ الِاسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ البِنَاءِ
ثم أخرج حديثًا  برقم (2628) من طريق أيمن الحبشي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ، ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتْ:«ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي البَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ».
قال الحافظ ابن حجر: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عَارِيَّةَ الثِّيَابِ لِلْعَرُوسِ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنَ الشُّنْعِ.


وهناكَ حالات أيضًا ليست داخلةً في المنهي عنه  نشيرُ إلى بعضها:
السؤال للتفقه في دين الله عزوجل
سؤال الرجل امرأته أو ولده أو خادمه
سؤال المرأة زوجها
سؤال البيع والشراء
سؤال الدَّين لمن احتاج لذلك.