جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 11 مارس 2017

(32)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله



عَنْ أَبِي لَبِيدٍ،عَنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ شَاتَيْنِ، فَبِعْتُ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجِئْتُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ»، فَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كُنَاسَةِ الكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ العَظِيمَ، فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الكُوفَةِ مَالًا .رواه الترمذي(1258) .

[هذا حديث حسن.الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(رقم924) قال والدي: وقد رواه البخاري لكن في سنده مبهمون ].

-----------------

««بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ»»قال المباركفوري رحمه الله في«تحفة الأحوذي»(4/393): الْمَعْنَى بَارَكَ اللَّهُ فِي بَيْعِكَ وَتِجَارَتِكَ .اهـ

وفيه من الفوائد:

1-جواز تصرف الوكيل في البيع بما فيه مصلحة ومنفعة لصاحب الحق.
فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَقَرَّ عُروة البارقي رضي الله عنه على تصرُّفه وهذا دليلٌ على صحته .
قال الشوكاني رحمه الله في«نيل الأوطار»(5/324):فيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إذَا قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ قَدْ حَصَلَ وَزَادَ الْوَكِيلُ خَيْرًا، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ شَاةً بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهَا بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ .اهـ

2-صحة بيع الفُضُولي إذا أجازه المالك.لأن عروةَ البارقي رضي الله عنه كان موكَّلًا في الشراء لا في البيع.
ويشمله قوله تعالى:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[المائدة:2].وفي هذا التصَرُّفِ إعانة لأخيه المسلم .
وقال الإمام البخاري « بَابٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ» ثم أخرج حديث ابن عمر رضي الله عنهما وهو عند مسلم (2743)في قصة الثلاثة النفر الذين دخلوا الكهف فانطبقت عليهم الصخرة الحديث ،وفيه:« وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ ».
قال الحافظ في«فتح الباري»:هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَقَدْ مَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهَا إِلَى الْجَوَازِ.
قال الحافظ: وَطَرِيقُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا ،وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ ،وَالْخِلَافُ فِيهِ شَهِيرٌ، لَكِنْ يَتَقَرَّرُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَبَيَّنَهُ، فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا .اهـ
وقد ذهب إلى صحة بيع الفضُولي مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ كما في«نيل الأوطار»(5/324).
الفضولي :هو الذي يعقد لغيره دون إذنه، كأن يبيع الزوج ما تملكه الزوجة دون إذنها، أو يشتري لها ملكا دون إذنها له بالشراء.
ومثل أن يبيع إنسان ملكا لغيره وهو غائب، أو يشتري - دون إذن منه - كما يحدث عادة.
وعقد الفضولي يعتبر عقدًا صحيحا، إلا أن لزومه يتوقف على إجازة المالك أو وليه  ، فإن أجازه نفذ وإن لم يجزه بطل.المرجع«فقه السنة»(3/58).
وللاطلاعِ على المسألة يراجع «المجموع»(9/261)للنووي .

3-منقبة لعروة البارقي رضي الله عنه.

4-هذا الحديث من دلائل نبوة  الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد دعا لعروة البارقي بالبركة في بيعه فكان لو اشترى ترابًا لربِحَ فيه ،وقد أخرجه البخاري(3642) في«علامات النبوة في الإسلام»،ولكن في سنده مبهمون كما تقدم في كلام والدي رحمه الله .


5-أن البركة من الله سبحانه .