جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 7 مارس 2017

(106)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

                       
                               حكم أخذ الأُجرة على الأذان

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، قَالَ: «أَنْتَ إِمَامُهُمْ وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا». رواه أبو داود (531).
في هذا الحديث دليل على كراهة اتخاذ الأجرة على الأذان.
قال الترمذي في «سننه»( 209) عقب الحديث: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يَأْخُذَ المُؤَذِّنُ عَلَى الأَذَانِ أَجْرًا، وَاسْتَحَبُّوا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَحْتَسِبَ فِي أَذَانِهِ .اهـ لكن إذا أعطوه بدون شرط ولا تطلُّع فلا بأس أن يأخذَهُ .روى البخاري (7164)،ومسلم (1045)عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَالاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ».

أما أخذ الرَّزْق وهو :الأخذ من بيت مال المسلمين على الأذان، فهذا لا شيء فيه عند أهل العلم .قال ابن قدامة في «المغني» (1/ 301): وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ أَخْذِ الرَّزْقِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةً إلَيْهِ اهـ المراد.

 والرَّزق :بفتح الراء وسكون الزاي العطاء كما في «حاشية الروض المربع»(1/434)لابن القاسم رحمه الله.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في «فتاوى نور على الدرب»(6/349): أما من أخذ من بيت المال فلا حرج عليه، لأن بيتَ المال للمسلمين عامة ،ولا سيما المصالح كالأذان والإمامة وأشباه ذلك، وهكذا الأوقاف التي ُتوقف على المؤذنين والأئمة، هذه كلُّها من باب التعاون على البر والتقوى ،ومن باب تسهيل الإمامة والأذان، لأنه ليس كلُّ واحد يتفرغ لهذا الشيء، فإذا أمنت حاجتُه كان هذا أدعى إلى أن يلتزم ويقوم بهذا الأمر العظيم الواجب، أمَّا هذا الأجر الذي يساق اليوم للمؤذنين فالذي يظهر أنه غير داخل في الحديث السابق ذكره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤاجِر فيقول: لا أؤذن إلا بأجر.


يعني: مشارطة بينه وبين أهل المسجد، أو بينه وبين بعض الناس الآخرين ، فهذا هو الأقرب في ظاهر النص. أما المال الذي يعطاه من بيت المال كما يعطَى المدرس ويعطَى الإمام ويعطى المجاهدون، هو غير داخل في هذا إن شاء الله، لكن لا شك أن الذي يريد ألا يأخذَ شيئا بالكلية وأن يتفرغ لهذا الشيء من جهة نفسه لأن الله قد أعطاه مالا ووسع عليه فهذا أكمل في الإخلاص.اهـ