جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 6 أبريل 2016

(67)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

           
         قولُ أهل العلم في الضحك في الصلاة هل يعدُّ من نواقض الوضوء؟.
جاء عن أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي ، وهو ثقة ما أخرجه الدارقطني في سننه(603) من طريق أَبِي الْعَالِيَةَ , وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَعْمَى تَرَدَّى فِي بِئْرٍ , فَضَحِكَ  نَاسٌ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ».
ومراسيل أبي العالية ضعيفة جدًّا. قال الدارقطني في سياق طرق هذا الحديث:  وَقَدْ رَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَكَانَ عَالِمًا بِأَبِي الْعَالِيَةِ وَبِالْحَسَنِ , فَقَالَ: لَا تَأْخُذُوا بِمَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَلَا أَبِي الْعَالِيَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَنْ مَنْ أَخَذَا.وضعف الدارقطني طرق هذا الحديث .
وكان الشافعي رحمه الله يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ: رِيَاحٌ .
قال ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه»170:  ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ: رِيَاحٌ، قَالَ أَبِي: يَعْنِي الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاةِ: «أَنَّ عَلى الضَّاحِكِ الْوُضُوءَ».
وهذا إسنادٌ حسن .حرملة :ابن يحيى صاحب الشافعي صدوق كما في«تقريب التهذيب » .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى ما دلَّ عليه هذا الحديث, وهذا جاء عن الحسن البصري, والنخعي, وبه قال سفيان الثوري, وأصحاب الرأي, واحتجوا بهذا الحديث المرسل. ينظر «الإشراف على مذاهب العلماء» (1/112‑114)لابن المنذر .
وأصحاب الرأي :الحنفية .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في«فتح الباري» شرح ترجمة حديث رقم(176)
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا يَنْقُضُ الضَّحِكُ إِذَا وَقَعَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ لَا خَارِجهَا .
قَالَ ابن الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ خَارِجَ الصَّلَاةِ .وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَقَعَ فِيهَا فَخَالَفَ مَنْ قَالَ بِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثٍ لَا يَصِحُّ وَحَاشَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ أَنْ يَضْحَكُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى. عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا بِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ فِي الضحك بل خصوه بالقهقهة. اهـ.
وجماهير العلماء على أن الضحك في الصلاة لا يبطل الوضوء ،وضعفوا الحديث الوارد في ذلك ،ولأن الأصل بقاء الطهارة.
 أما الضحك خارج الصلاة فلا يبطل الوضوء إجماعًا .قال ابن المنذر في «الإشراف»: أجمع أهل العلم على أن الضحك في غير الصلاة لاينقض طهارة ولا يوجب وضوءاً. 
وهنا قصة طريفة عجيبة .أخرج ابن أبي حاتم رحمه الله في«آداب الشافعي ومناقبه» 128من طريق إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ لِيَ الْفَضْلِ بْنُ الرَّبِيعِ: أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مُنَاظَرَتَكَ لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: لَيْسَ اللُّؤْلُؤِيُّ فِي هَذَا الْحَدِّ، وَلَكِنْ أُحْضِرُ بَعْضَ أَصْحَابِي، حَتَّى يُكَلِّمَهُ بِحَضْرَتِكَ، فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ.
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فَحَضَرَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِنَا، كُوفِيًّا كَانَ يَنْتَحِلُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَارَ مِنْ أَصْحَابِنَا. فَلَمَّا دَخَلَ اللُّؤْلُؤِيُّ: أَقْبَلَ الْكُوفِيُّ عَلَيْهِ، وَالشَّافِعِيُّ حَاضِرٌ بِحَضْرَةِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يُنْكِرُونَ عَلَى أَصْحَابِنَا بَعْضَ قَوْلِهِمْ، وَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ اللُّؤْلُؤِيُّ: سَلْ.
فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَذَفَ مُحْصَنَةً، وَهُوَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: صَلاتُهُ فَاسِدَةٌ.
فَقَالَ لَهُ: فَمَا حَالُ طَهَارَتِهِ؟ فَقَالَ: طَهَارَتُهُ بِحَالِهَا، وَلا يَنْقُضُ قَذْفُهُ طَهَارَتَهُ.
فَقَالَ لَهُ: فَمَا تَقُولُ إِنْ ضَحِكَ فِي صَلاتِهِ؟ .
قَالَ: يُعِيدُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاةَ.
فَقَالَ لَهُ: فَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ فِي الصَّلاةِ أَيْسَرُ مِنَ الضَّحِكِ فِيهَا؟ ! فَقَالَ لَهُ: وَقَفْنَا فِي هَذَا، ثُمَّ وَثَبَ فَمَضَى، فَاسْتَضْحَكَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِّ .اهـ.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (3/161) ترجمة اللؤلؤي من طريق البويطي يقول: سَمعتُ الشافعي وفي آخره قال: فأخذ اللؤلؤي نعله وقام قال فقلت للفضل قد قلت لك إنه ليس هناك.
والأثر صحيح .

والحسن بن زياد اللؤلؤي صاحب القصة: ضعيفٌ جدًّا .يراجع  «الكامل في ضعفاء الرجال»  .