بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام البخاري رحمه الله
بَابُ السُّؤَالِ
بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِعَاذَةِ بِهَا
7393 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا جَاءَ
أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ،
وَلْيَقُلْ: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ
أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا
تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» ، تَابَعَهُ يَحْيَى، وَبِشْرُ بْنُ
المُفَضَّلِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَ زُهَيْرٌ، وَأَبُو ضَمْرَةَ،
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
******************************
(حَدَّثَنَا
عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) وهو الأويسي.
(حَدَّثَنِي
مَالِكٌ) هو ابن أنس، إمام الهجرة.
(عَنْ سَعِيدِ
بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ)
سعيد بن أبي سعيد كيسان، وأيوب
بن أبي تميمة اسم أبيه كيسان.
سعيد بن أبي سعيد يقال له
المقبري قال النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء واللغات(1/219): المقبرى، بضم
الباء وفتحها، منسوب إلى المقابر؛ لأنه كان يسكن عندها، وقيل: لأن عمر بن الخطاب
جعله على حفر القبور بالمدينة، وهو أبو سعد، بإسكان العين .اهـ.
(الدراوردي) عبد العزيز بن محمد.
- مَن أسعد الناس بالصلاة على
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
المحدثون، وهذا معدود في مناقب المحدثين. وقد ذكر هذا الخطيب في شرف أصحاب
الحديث وبوب رحمه الله (كَوْنُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَوْلَى النَّاسِ
بِالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدَوَامِ صَلَاتِهِمْ عَلَيْهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
).
وذكرالخطيب رحمه الله في شرف
أصحاب الحديث (ص 34) بإسناده عن أبي نُعَيْمٍ قال: وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ
شَرِيفَةٌ يَخْتَصُّ بِهَا رُوَاةُ الْآثَارِ وَنَقَلَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا
يُعْرَفُ لِعِصَابَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْرَفُ لِهَذِهِ الْعِصَابَةِ
نَسْخًا وَذِكْرًا.
قوله: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ) أي: لينام.
قوله: (بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ) أي داخل إزاره، قال
القاري في مرقاة المفاتيح (4/1653): قَيَّدَ النَّفْضَ بِإِزَارِهِ لِأَنَّ
الْغَالِبَ فِي الْعَرَبِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ثَوْبٌ غَيْرَ مَا هُوَ
عَلَيْهِمْ مِنْ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَقُيِّدَ بِدَاخِلِ الْإِزَارِ لِيَبْقَى
الْخَارِجُ نَظِيفًا، وَلِأَنَّ هَذَا أَيْسَرُ، وَلِكَشْفِ الْعَوْرَةِ أَقَلُّ
وَأَسْتَرُ .اهـ.
فإذا نفض فراشه بأي شيء إما
بخرقة أو نحوها يحصل المقصود .
وهنا في الحديث يفعل ذلك ثلاث مرات.
هذا الحديث العظيم من أذكار
النوم، والمحافظة على الأذكار فيها امتثال للشرع، ومسابقة إلى الخير، وتحصن من
الشيطان الرجيم.
وفيه من الفوائد:
1- الأخذ بالأسباب يما يكون فيه
السلامة.
وقوله (وَضَعْتُ
جَنْبِي) الجنب: ما دون الإبط إلى الكشح، والكشح كما في كتب اللغة:
مابين الخاصرة إلى الضلع الخلف. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه
كان يضطجع على شقه الأيمن والحديث متفق عليه البخاري (6315)
مسلم (2710) عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ
نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي
إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ،
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ
مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ،
وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى
الفِطْرَةِ».
والحكمة من هذا يقولون لأن
القلب متعلق بجهة اليسار، فإذا اضطجع على شقه الأيمن يكون القلب معلقًا فلا يستغرق
كثيرًا في النوم، والله أعلم.
يراجع /زاد المعاد .
2- وفيه استسلام العبد لله عز
وجل، وأن الإحياء والإماتة بيد الله عز وجل ﴿هُوَ يُحْيِي
وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يونس:56] وهذا داخلٌ في توحيد الربوبية .
3- وفيه أن الإنسان قد يموت وهو
نائم (إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا)
و الغالب أن الإنسان لا يموت إلا بسبب.
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ****
تعددتِ الأسبابُ والموت واحد
قوله (وَإِنْ
أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ)
العبد الصالح: هو الذي يقوم بحق
الله عز وجل، وحق عباده.
وهذا حفظ عام من المعاصي ومن
الشيطان وعداوته ومن الضرر الديني والدنيوي. وهذا من أعظم الأدعية التي تقال عند
النوم.
(بِمَا تَحْفَظُ
بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ) هذا
حفظ خاص يقتضي الحفظ والنصر والتأييد.
******************************
7394 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ،
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ»، وَإِذَا
أَصْبَحَ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا،
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ».
******************************
(حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) ابن إبراهيم الفراهيدي يقول الحافظ ابن حجر رحمه
الله في تقريب التهذيب : مسلم ابن إبراهيم الأزدي الفراهيدي بالفاء أبو
عمرو البصري ثقة مأمون مكثر، عمي بآخره، من صغار التاسعة مات سنة اثنتين وعشرين، وهو
أكبر شيخ لأبي داود.
وهذه فائدة مسلم الفراهيدي أكبر شيخ لأبي داود.
(حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ) ابن الحجاج، أمير المؤمنين في
الحديث.
(عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ) ابن عمير.
(عَنْ رِبْعِيٍّ)
ابن حراش.
(عَنْ حُذَيْفَةَ)
حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما.
اسم أبيه حِسل ويقال حُسيل، وهو صحابي ابن صحابي، وصاحب سر رسول الله صلى الله
عليه وعلى آله وسلم. وقد كان متخصصًا في أمور الفتن ليحذرَها كما في الصحيحين
البخاري (3606) ومسلم (1847) عن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ يَقُولُ: (كَانَ
النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي...
الحديث) .
وهذا الحديث (كَانَ النَّاسُ
يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ،
وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) يقول الوالد الشيخ مقبل رحمه الله :حديث حذيفة فيه التخصص في العلم .
وكان رحمه
الله يقول : ليس هناك مثل التخصص .
وكان ينصح من كان عنده ميولٌ إلى فنٍّ من الفنون
العلمية أن يتخصص فيه؛ لأن التخصص له ثمرة سريعة ، وفيه بركة عظيمة ، ولا يهمل
العلوم الأخرى.
فالسلف كان
منهم من يتخصص ويكون غالبًا ملمًا بالعلوم الأخرى. هذا معنى ما ذكره الوالد رحمه
الله.
قلت : هذا من آداب الطالب التخصص في فن من الفنون
فهذا سبيل النجاح .
قال الخليل بن أحمد: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ
تَكُونَ عَالِمًا فَاقْصِدْ لِفَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ
أَدِيبًا فَخُذْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنَهُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ
حَافِظًا نَظَرَ فِي فَنٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِلْمِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ
عَالِمًا أَخَذَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِنَصِيبٍ .
وقال أبوعبيد القاسم بن سَلَّامٍ: «مَا
نَاظَرَنِي رَجُلٍ قَطُّ وَكَانَ مُفَنِّنًا فِي الْعُلُومِ إِلَّا غَلَبْتُهُ،
وَلَا نَاظَرَنِي رَجُلٌ ذُو فَنٍّ وَاحِدٍ إِلَّا غَلَبَنِي فِي عِلْمِهِ ذَلِكَ».
مرجع الآثار جامع بيان العلم وفضله (1/522)وينظر
في حالها .
فمن كان
عنده ميول إلى فنٍ يجتهد فيه ، فمثلا له رغبة في علم التفسير,أوعلم الحديث أوالفقه
أوالنحو أوالعقيدة أو الأصول أوغير ذلك يجتهد في ذلك الفن ويتخصص فيه، ولكن لا يتخصص ويبقى
جاهلا بالعلوم الأخرى النافعة.
******************************
7395 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ
اللَّيْلِ، قَالَ: «بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا»، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ:
«الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ
النُّشُورُ» .
******************************
(حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) ابن عبد الرحمن النحْوي.
(عَنْ مَنْصُورٍ)
ابن المعتمر.
(عَنْ أَبِي ذَرّ) جندب بن جنادة رضي الله عنه.
في هذين الحديثين بيان بعض
أذكار النوم والاستيقاظ .
ومن الفوائد:
1- أن النوم يسمى موتًا (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا
أَمَاتَنَا). وهذا موت أصغر وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ
الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ
يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:60]. جرحتم: عملتم.
2- التذكر عند الاستيقاظ الحياة
الأُخْروية (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
3-
وفيه الثناء على الله سبحانه بالحمد عند
الاستيقاظ؛ لأن النوم نعمة من نعم الله قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}وقال
{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} .
قال
البغوي في تفسير سورة الفرقان :سباتا رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ وَقَطْعًا
لِعَمَلِكُمْ، وَأَصْلُ السَّبْتِ الْقَطْعُ، وَالنَّائِمُ مَسْبُوتٌ لِأَنَّهُ
انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَحَرَكَتُهُ. اهـ .، والنوم آية من آيات الله سبحانه الدالة على عظمته
وقدرته، قال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم:23].
******************************
7396 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ
أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ،
اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا،
فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ
أَبَدًا"
******************************
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) وهو أبو رجاء الثقفي البغلاني.
(حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ) ابن عبد الحميد.
(عَنْ مَنْصُورٍ) تقدم.
(عَنْ سَالِمٍ) ابن أبي الجعد.
(عَنْ كُرَيْبٍ) مولى ابن عباس.
- مَن القائل :علم الرجال نصف
العلم، والتفقه في معاني الحديث نصف العلم؟ علي بن المديني رحمه الله أخرجه
الرامَهرمزي في المحدث الفاصل ..
(عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أبو العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(لَوْ أَنَّ
أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ)
أي زوجته أوأمته. وهذا الحديث
من آداب الجماع.
وقوله: (إِذَا أَرَادَ) يُفَسِّر الروايةالأخرى عند البخاري (3283)
(لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ) أن المراد أنه قبل الوقاع. مثل قوله
تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ
مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل:98]. أي: أردت.
هذا الحديث بوب عليه الإمام
البخاري في صحيحه في كتاب الوضوء (بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ
الوِقَاعِ) إشارة منه رحمه الله إلى مشروعية التسمية في أول الوضوء.
وجمهور العلماء على استحباب
التسمية في أول الوضوء.
وبسم الله كلمة عظيمة مباركة ولهذا شرع قولُها
في مواطن كثيرة.
فقد كان النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم إذا خرج من منزله قال: (باسم الله) كما في مسند أحمد (26616)
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ، قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَزِلَّ أَوْ نَضِلَّ، أَوْ نَظْلِمَ
أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا».
وفي صحيح مسلم (2018)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ
دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا
عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ
الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ
طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ".
ظاهر الدليل أن قول صاحب البيت
بسم الله عند الدخول يجزئ في دفع دخول الشيطان. لكن ينبغي أن يقول الجميع من
الكبار والمميزين (بسم الله) عند الدخول.
ومن المواضع: قول (بسم الله)
عند إطفاء المصباح بجميع صوره وأشكاله، هذا من الآداب التي ينبغي أن نحرص عليها،
ونربِّي أطفالنا على ذلك.
روى البخاري(3280) عَنْ
جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: " إِذَا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ، أَوْ قَالَ: جُنْحُ اللَّيْلِ،
فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ
سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ
اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ
وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ
تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا ".
وحديث جابر فيه أنه عند غلق
الباب يقال باسم الله وإيكاء السقاء وتخمير الإناء إذا غطينا الإناء ينبغي أن نقول
باسم الله .
تعويد اللسان على قول: (بسم
الله) عند الركوب وعند النزول وعند النوم وعند السقوط فقد ثبت عَنْ أَبِي
تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ، فَقُلْتُ: تَعِسَ
الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: "لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا
قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي،
وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى
يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ" رواه أبو داود في سننه (4982)
وهو في الصحيح المسند للوادعي (1503).
علق الحافظ ابن كثير رحمه الله
في تفسيره (1/120) في فضل البسملة علق على هذا الحديث وقال: فَهَذَا
مِنْ تَأْثِيرِ بَرَكَةِ بِسْمِ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا تُسْتَحَبُّ فِي أوّل كل عمل
وَقَوْلٍ.اهـ.
ومن المواضع: قول (بسم الله) عند
إرادة دخول الخلاء هذا فيه رواية ضعيفة لكن في الباب عمومات، وقد نقل الإمام
النووي في المجموع الاتفاق على ذلك.
إذن قول: (بسم الله) نكثر من
قولها ، ولا نملُّ منها.
إذا أخذنا طعامًا (رزًا، سكرًا، حليبًا) أخذتيه
بالملعقة قولي: (بسم الله) ففي هذا بركة عظيمة ،الطعام الذي يُؤخذ منه يبارك الله
فيه .
التبرك بذكر اسم الله، ما يكون بغفلة . ما أكثر
أبواب الخيرات إن استيقظنا فنحن في عبادةٍ إذا تحرينا قول بسم الله ،وفي منافع
دنيا وأخرى .
عند الأخذ من النقود كان والدي
الشيخ مقبل رحمه الله يقول : باسم الله اللهم اجعل البركة .
أيضًا في أوَّل الرسائل والمؤلفات وغير ذلك.
الإمام البخاري يقول: (بَابُ
التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوِقَاعِ) .
ابن كثير رحمه الله يقول:(وَلِهَذَا تُسْتَحَبُّ
فِي أوّل كل عمل وَقَوْلٍ).
إلا في المواضع التي ما قالها النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم مثلًا قبل الدخول في الصلاة ما عندنا دليل على أنه إذا أراد أن
يصلي يقول: (بسم الله) لكن بعد الاستعاذة كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسمِّي سرًا إذا قرأ من أول السورة.
(بِاسْمِ
اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا
رَزَقْتَنَا) هذا الدعاء يقوله الرجل دون
المرأة، هذا ظاهر الدليل.
وهناك قول لبعض العلماء أن
المرأة أيضًا تقول ذلك. ولا يُنكَر على من رأى هذا؛ لأن الأصل هو عموم التشريع.
وفي هذا الحديث الحرص على سلامة
الولد، وصلاحه قبل وجوده أن يُدعى بهذا الدعاء حفظًا له من شر الشيطان.
ومن الحرص على صلاح الأولاد قبل
وجودهم الدعاء .
هذا الدعاء عام حتى وإن كان لا يولد لهما.
وفيه أن الولد رزق من أرزاق
الله عز وجل.
وفيه ملازمة الشيطان للإنسان في
كل أحواله، وقد ثبت في صحيح مسلم (2033) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ
يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ
طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ
بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا
فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ
تَكُونُ الْبَرَكَةُ».
وهذا مما يجعل العبد حذرا ومتحفظًا
ومتنبهًا من عدوه الذي لا يراه ،من وساوسه وأفكاره ونزغاته وعداوته، والله
المستعان.
وفيه فضل هذا الذكر عند الوقاع،
وأنه سبب لسلامة الولد وحفظه.
قوله: (لَمْ
يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) هذا
ليس على عمومه، فلا بد من وساوسه ولا بد من المعاصي. وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ
الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا
اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ
ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» الحديث متفق عليه البخاري (6612) مسلم
(2657) عن أبي هريرة.
فالمراد به بعض الأمور مثل
الردة - والعياذ بالله - والكفر، وتسلط الشيطان عليه و ما أشبه ذلك. أيضًا لا يضره
بإذن الله عز وجل في عقله ولا في بدنه، والله تعالى أعلم.
الشيطان: هو كل عاتٍ متمردٍ . وهويشمل شياطين الجن والإنس، وكل من تمرد من
حيوان أو غيره.
******************************
7397 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ مَنْصُورٍ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: أُرْسِلُ كِلاَبِي
المُعَلَّمَةَ؟ قَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ
اسْمَ اللَّهِ، فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ
فَكُلْ» .
******************************
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبي.
(حَدَّثَنَا
فُضَيْلٌ) ابن غزوان.
(عَنْ إِبْرَاهِيمَ) ابن يزيد النخعي.
(عَنْ هَمَّامٍ) بن
منبه.
(عَنْ عَدِيِّ
بْنِ حَاتِمٍ) صحابي كريم حتى قال الشاعر (رؤبة
بن العجاج):
بِأَبِهِ
اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَمْ **** وَمَنْ يُشابِهْ أَبَهُ فَما ظَلَمْ
في هذا الحديث السؤال عن أمور
الفقه، وهذه أسئلة الصحابة أسئلة دينية فقهية وأسئلة عن الوصول إلى الجنة.
وفيه إباحة صيد الكلب المعلَّم،
وهو الذي إذا أُشلي استشلى، وإذا زُجر انزجر، وإذا صاد لم يأكل مما أمسك.
وهذه ثلاثة شروط في الكلب المعلَّم قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ
مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ
مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ
عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ
الْحِسَابِ﴾ [المائدة:4].
إذا أُشلي استشلى: يعني إذا
أغراه صاحبه للذهاب إلى الصيد مضى.
وإذا زجر انزجر لأنه معلَّم.
وإذا صاد لم يأكل مما أمسك؛ لأن
الله يقول: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾
[المائدة:4].
وفي بعض طرق عدي رضي الله عنه: «إِذَا
أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلاَ
تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلاَبًا، لَمْ
يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا، فَأَمْسَكْنَ وَقَتَلْنَ فَلاَ تَأْكُلْ،
فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ
بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُلْ، وَإِنْ
وَقَعَ فِي المَاءِ فَلاَ تَأْكُلْ» البخاري (5486).
وفيه أنه إذا صاد الصائد بِالْمِعْرَاضِ
فأصاب بحده حل أكل الصيد، أما إذا أصاب بعرضه فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، فَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ
فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ فَلاَ تَأْكُلْ» رواه البخاري (5476).
المِعْرَاض بِالْكَسْرِ: سَهمٌ
بِلَا ريشٍ وَلَا نَصْل، وَإِنَّمَا يُصِيب بعَرْضه دُون حدِّه.كما في النهاية .
******************************
7398 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، قَالَ:
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَا هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثٌ
عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ، يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لاَ نَدْرِي يَذْكُرُونَ اسْمَ
اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لاَ، قَالَ: «اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ، وَكُلُوا»
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأُسَامَةُ
بْنُ حَفْصٍ
******************************
(حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى) القطان.
(حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ)
سليمان بن حيان.
(سَمِعْتُ
هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ) أبو
المنذر، زوجته فاطمة بنت المنذر وهي زوجته وشيخته.
(يُحَدِّثُ عَنْ
أَبِيهِ) عروة بن الزبير الصابر
المحتسب.
(عَنْ عَائِشَةَ)
أم المؤمنين رضي الله عنها.
هذا الحديث انفرد به الإمام
البخاري عن مسلم.
قوله: (إِنَّ هَا هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ) حديث عهدهم: أي قريبًا.
في هذا الحديث التسمية عند
الأكل. وفي الصحيحين البخاري (5376)، مسلم (2022) عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ
غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ
يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ
مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.
وفيه حمل ذبائح المسلمين على
السلامة. فهنا سألوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن هذه المسألة فقال: (اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ، وَكُلُوا).
وقد يفهمُ بعض الناس من هذا
الحديث إباحة أكل اللحوم المستوردة من بلاد الكفر أنه يسمي الله ويأكل، هذا ليس
بصحيح فهؤلاء مسلمون الذين سُئِل عنهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مسلمون.
أما اللحوم المستوردة من بلاد الكفار فهي ميتة لا يجوز أكلها، والميتة فيها سموم
وضرر.
المرق المجفَّف هذا تابع لأصله،
ما كان من بلاد إسلامية فهو حلال، وما كان من بلاد
كفرية فهو حرام .
والإنسان يتحرى ما يُدخِل جوفَه
إلا حلالا ومن كسبٍ حلال؛ لأن لطيب المأكل تأثيرًا على القلب وعلى البدن وعلى
الدين .وهذا من أعظم نعم الله البعد عن الحرام .
******************************
7399 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ يُسَمِّي
وَيُكَبِّرُ» .
******************************
(هشام)
ابن
أبي عبد الله الدَّستوائي، القائل (وَاللهِ مَا أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ إِنِّي
ذَهَبتُ يَوْماً قَطُّ أَطْلُبُ الحَدِيْثَ، أُرِيْدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ) قال الذهبي رحمه الله: (وَاللهِ وَلاَ أَنَا) كما في ترجمة هشام الدستوائي من سير أعلام
النبلاء.
نسأل الله أن يعيننا على الإخلاص .
(قتادة) وهو ابن دعامة بن قتادة.
(أنس) وهو ابن مالك.
في هذا الحديث التضحية بكبشين،
وللمضحي أن يضحي بأكثر من كبشين.
وفيه التسمية عند الذبيحة.
وفيه التكبير عند الذبيحة، وقد
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: (وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فَكَأَنَّهُ خَاصٌّ
بِالتَّضْحِيَةِ وَالْهَدْيِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى
مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] ) سبل السلام(2/530) .
وكان الوالد الشيخ مقبل رحمه
الله يفيدنا أن التكبير يكون عند ذبح الأضحية والله أعلم .
وتتمة الباب يكون في الدرس
اللاحق إن شاءالله .