جديد الرسائل

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

لزوم السكوت إلا في خير

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله  سبحانه{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: (سديداً)أَيْ مُسْتَقِيمًا لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلَا انْحِرَافَ .
وَوَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ .
أَثَابَهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ يُصْلِحَ لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ أَيْ يُوَفِّقُهُمْ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ .
وَأَنْ يَغْفِرَ لَهُمُ الذُّنُوبَ الْمَاضِيَةَ.
وَمَا قَدْ يَقَعُ مِنْهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُلْهِمُهُمُ التَّوْبَةَ مِنْهَا اهـ
قلت: ما أرحم ربُّنا بِنا ، يذكر الأمر مع ذكر الترغيب فيه، لتنبعث النفوس ،وتتشوق إلى ذلك العمل ،فإن النفوس تتطلَّع للجزاء الحسنِ دائماً .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) .
وإذا تم العقلُ نقصَ الكلامُ .
 وإذا نقص العقلُ ، كثُر الكلامُ والثرثرة ،والقيلُ والقال.
حتَّى إنه يُعرف رزانةُ الإنسانِ وطيشُ عقلِه من كلامه .
ومِن وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشمائِله طولُ الصمت
أخرج أبو داود الطيالسي في المسند(808)من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طويلَ الصمت قليلَ الضحك وكان أصحابه ربما تناشدوا عنده الشعر والشيء من أمورهم فيضحكون وربما تبسم. والحديث حسن بشواهده .
وحفظ اللسان سلامة أخرج ابنُ أبي الدنيا في كتابه الصمت7/61ضمن مجموع رسائله عن محمد بن عبد الوهاب السكري قال:الصمت يجمعُ للرجل خصلتين،السلامة في دينه والفهم عن صاحبه. والأثر صحيح .
(السلامة في دينه)حفظ اللسان سلامة ،من نقص الإيمان، ومن العذاب ،ومن الأضرار والمفاسد ،ورُبَّ كلمة توبِق صاحبَها وتُهلكه ،والعياذ بالله .
(والفهم عن صاحبه)يُفهَم المراد من كلام الصاحب، فقد يستفسر أول ما يطرق أُذُنَه الكلامُ ،وقد يُقاطع، ولو سكت لجاء ما يوضِّح .
وبعض الناس قد يستَفْهم وهو يفهم ،وهذا خطأ إلا إذا كان من أجل أن يفهمَ الحاضرون .
قال الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي . وَلْيَتَّقِ إِعَادَةَ الِاسْتِفْهَامِ لِمَا قَدْ فَهِمَهُ، وَسُؤَالَ التَّكْرَارِ لِمَا قَدْ سَمِعَهُ وَعَلِمَهُ..
ثم ذكر رحمه الله (1/341) عن وكيع بن الجراح : من فهم ثم استفهم، فإنما يقول: اعرفوني أني أجيد أخذ الحديث.
هذا أثر حسن.
وأخرجه الخطيب رحمه الله في «جامعه» (342) عن وكيع بلفظ :من استفهم وهو يفهم، فهو طرف من الرياء.
وما أحسن العلمَ كيف يهَذِّبُ الطباعَ ،ويُزَيِّنُ صاحبه بِحُللِ المكارم والأخلاق .
فعلينا بالاهتمام بالعلم النافع ليكونَ عندنا علم ومعرفة بأسباب صلاحنا ،وما ينفعنا ، أو يضرنا .
سكوتٌ إلا في خير ، وتسخير الألسُن فيما يكون به الاستعداد لدار المعاد ،من تلاوة قرآن والتأدب بآدابه، وكثرة ذكر الله ، وكلمة طيبة ،والاهتمام بحفظ السنة ،والتحفُّظُ عن الفضولِ ، والمجاهدة في إصلاح اللسان .
والإنسانُ في قبره يُسألُ عن عمله ،ما يُسأل عن عمل فلان وفلانة .
نسأل الله أن يوفقنا للقول الطيب وأن يُصلح ألسنتنا .

أم عبدالله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي