جديد الرسائل

الخميس، 26 نوفمبر 2015

من شؤمِ الذنبِ أنه يجرُّ إلى ذنب ٍ آخر

قال الله تعالى {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن جَاءَتْهُم آيَة ليُؤْمِنن بهَا قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَمَا يشعركم أَنَّهَا إِذا جَاءَت لَا يُؤمنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}  .
وقال تعالى { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } .
وقال سبحانه { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }.
وَ ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِن الصدْق يهدي إِلَى الْبر وَإِن الْبر يهدي إِلَى الْجنَّة وَلَا يزَال الرجل يصدق ويتحرى الصدْق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا .
وَإِيَّاكُم وَالْكذب فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار.
 وَلَا يزَال الرجل يكذب ويتحرى الْكَذِب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا .
فمن شؤم الذنب أنه يجر إلى ذنب آخر .
وَلِهَذَا قَالَ من قَالَ من السّلف كسعيد بن جُبَير: إِن من ثَوَاب الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ بعْدهَا وَإِن من عُقُوبَةِ السَّيئَةِ السَّيئَةَ بعْدهَا .
وقصة إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام دليلٌ على ذلك .
حسدوا يوسف عليه الصلاة والسلام فجرَّهم ذلك إلى معاصي أخرى .
تظاهروا بمحبة أخيهم وعاهدوا أباهم على حفظه (وإنا له لحافظون ).
محاولتهم في أخذ  يوسف من عند أبيه ففرَّقوا بينه على صغر سنه وبين أبيه على كبر سنه .
تآمرُ إخوتِه على قتله .
كذَبوا وقالوا لأبيهم يعقوب عليه الصلاة والسلام {وإنا له لناصحون} فوقعوا في الكذب والنفاق  .
كذبوا مراراً وزعموا أن الذئب جاء وأكل أخاهم وقَالُوا {يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} .
تزوير الدم  الذي وضعوه على القميص كما قال تعالى { وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} وهذا نفاق عملي .
وكذبوا تظاهروا بالحزن والبكاء (وجاؤوا أباهم عشاء يبكون ) وهذا بكاء نفاق .
وقعوا في البغي والاعتداء وعقُّوا أباهم -وهذا كبيرة من الكبائر- ففرَّقوا بينه وبين حبيبه وولده يوسف .
باعه إخوتُه بيعَ العبد {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ..} .وهذا ما رجحه ابن كثير أنهم إخوته لا السيارة .
-قال الشنقيطي في تفسير قوله تعالى { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .
 قال :فيه أن شؤم السيئات يجرّ صاحبه إلى التمادي في السيئات .
قال :ويفهم من مفهوم مخالفة ذلك ، أن فعلَ الخير يؤدي إلى التمادي في فعل الخير .
 وهو كذلك ، كما قال تعالى : { والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] .
وقوله تعالى : { والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }

وقوله تعالى :{ وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ } [ التغابن : 11 ] إلى غير ذلك من الآيات اهـ 
وهذا من رحمة الله ومنَّتِه وإحسانه الحسنة تجرُّ إلى حسنةٍ الأخرى.