رسالتي مواساة لأخواتي في الله في اليمن.
بعد سؤال قدم لي نصه: كلما حُرمنا الدروس والمساجد كلما ضاقت صدورنا، ومع أوضاع البلاد السيئة من حرب وضرب الطائرات من فوقنا وسفك دماء وشحناء بين المسلمين، وانقطاع الكهرباء والماء والمعيشة الصعبة يزداد الضيق والتعب ويضعف التركيز والحفظ، فهل هذا من ضعف إيماننا؟ بيني لنا جزاك الله عنا خير ماجزى شيخ عن تلاميذه....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال .الحمدلله القائل ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .أما بعد والله نواسي أخواتنا بالنصح وبالدعاء برفع هذه المحنة والكربة. ونقول كما قال ربنا فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. فالله يبتلي عباده بالرخاء وبالضراء اختبارا للعباد من يشكر ومن يكفر ومن يصبر ومن يتضجر.
وفي مثل هذا الحال ننصح أنفسنا وأخواتناوكل من يعاني من هذاالحال بأمور.
-الصبر فقد قال ربنا فإن مع العسر يسر إن مع العسر يسرا .وعد ربنا بالفرج بعد العسر ومن أوفى بعهده من الله .أي لا أحد أوفى بعهده من الله .
وعطاءالصبر فضل من الله واسع وما أعطي احد عطاءخيرا وأوسع من الصبر .نسأل من الله أن يلهمنا الصبر
بخلاف الكفار وضعفاءالايمان فإنهم لا يتهنون بحياتهم لفقد ما يعينهم على الصبر على الآلام والمصائب .
والقرآن الكريم والسنة النبوية فيهما تربيتنا على الصبر .
-حسن الظن بالله فإن هذا من الإيمان بالقدر ومن تمام التوحيد .فهذا الابتلاء هو لحكمة لبالغة .ومن أسماءالله الحكيم .أي يضع الأشياء في موضعها .والله يعلم وأنتم لا تعلمون .فلنظن بربنا خيرا أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء.
-انتظار الفرج من عندالله وعدم اليأس فإن هذا عبادة لله عزوجل وهو أرحم بالخلق من أمهاتهم بل ومن أنفسهم .وكم من كربة فرجها الله وكم من محنة رفعها الله وقصص الأنبياء والصالحين في الكتاب والسنة كثيرة في تفريج الله الكرب والشدة .
ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوذي وأخرج من مكة وكان يقول والله إنك لخير ارض الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت .وبعد محنة عظيمة حصل الفتح في السنة الثامنة من الهجرة وصارت مكة بلد إسلام بلد إيمان .
-الإكثار من قراءة القرآن مع تأمل كنوزه وعلومه وعبره ومواعظه فإن القارئ ينتهي من تلاوته بانشراح صدر وقوة إيمان وغض الطرف حتى يأتي الله بالفتح وبالأمن والعزةللبلد وما ذلك على الله بعزيز .
-قيام الليل فإنه أنس بالله وراحة عظيمة للقلب والدعوات في الثلث الأخير مستجابة بإذن الله .
-الاستعانة بالصبر والصلاة والذكرلان الله يقول واستعينوا بالصبر والصلاة. ويقول ربنا ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين .أرشد الله إلى الذكر والصلاة عند الأذى والضيق .وقال فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناءالليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى.
-نتذكر بشارة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لاهل اليمن وثنائه على اليمن وعلى أهلها وإنما أفسد هذه البلاد المفسدون .الإيمان يمان والحكمة يمانية .
وإن كان هذا قد لا يدوم فقد أفادنا الوالد رحمه الله أنه أحيانا قد يرتفع .ويقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أهل اليمن هم أرق افئدة وألين قلوبا .وفي صحيح مسلم إني لبعقر حوضي أذود الناس بعصاي لأهل اليمن حتى يرفض عليهم .
-مجاهدة الشيطان ووساوسه لأنه يجد فرصة عند الضعف المعنوي وعند المحن لكن كيده ضعيف إذا وجدمقامع الذكر والقرآن والإيمان إن كيد الشيطان كان ضعيفا .ولننظر يوسف عليه السلام وهو في السجن سجن ظلما وعدوانا والسجن وحشة وخاصة إذا كان ظلما بدون حق وأقام دعوة إلى الله دعا إلى التوحيد ووبخ من يشرك بالله أأرباب متفرقون خير أم الله .وعبر رويا صاحبي السجن ورويا الملك وعلم التعبير من العلوم الممدوحة إلى غير ذلك .فمهما وجد المصاب من الضعف يفزع إلى الله ويقبل على رضا الله .عروة بن الزبير لما قطعت رجله لآفة بها قال الحمد
لله لئن أخذتها لقد أبقيت لي أعضاء آخرين .ثم قيل له رفست الدابة ولدك يحيى فمات فقال الحمدلله لئن أخذه الله لقد أبقى لي آخرين .سبحان الله على ثبات عظيم وتذكر نعم الله الأخرى .وتذكر نعم الله الأخرى يسلي ويخفف الأحزان والألام .
-نتذكر فضل العبادة في الفتن وأنها كهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
اللهم إن البلاد اليمنية مجروحة تنزف دما فنسألك ربنا أن تلطف بها وبأهلها .اللهم ارفع هذا الضر عن الأطفال والنساء وكبار السن وسائر الصالحين .اللهم أعذ بلادنا من الفتن وسائر بلاد المسلمين .ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل .
أما ما سألتم عنه وفقكم الله ويسر أموركم من أن ما يحصل من الضيق وضعف التركيزالخ أنه هل يعد من ضعف الإيمان ؟
هذا طبيعي عند وجود الابتلاء كالمرض والخصام والحروب ما دام حفظكم الله أنه لم يصحبه تسخط على قدر الله .لأن التسخط ينافي الصبر والصبر واجب .لكن المجاهدة والصبر والتصبر فالعبد له عمر محدود .ولا يستطاع استرجاع الأيام التي مرت .والدقيقة الواحدة من العمر تمشي بدون استغلالها في الطاعة حسرة .نسأل الله التوفيق .والله المستعان .
أختكم أم عبد الله بنت الشيخ مقبل رحمه الله .صباح هذا اليوم الثلاثاء من شهر شوال 1436 .نفعنا الله وإياكم .