جديد المدونة

السبت، 22 مارس 2025

(47) تربية الأولاد

 

                             الفرح بنجابة الولد

 

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ» قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» رواه البخاري(61)، ومسلم (2811).

طرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سؤالًا على أصحابه في هذا الحديث؛ ليختبر أفهامهم، عن شجرة لا يسقط ورقها، فخاضوا في شجر البوادي، فاستحيا عبد الله بن عمر أن يتكلم بأنها النخلة؛ لأن في القوم أبا بكر وعمر.

قال عبد الله بن عمر: فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِي قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا، لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: مَا مَنَعَنِي إِلَّا أَنِّي لَمْ أَرَكَ وَلا أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا فَكَرِهْتُ. رواه البخاري(6144).


وهذا فيه فرح الآباء  بنجابة الولد وفقهه،  فالآباء والأمهات  الصالحون يحبون الخير لأبنائهم، ويتمنون أن يكونوا علماء ومراجع للأمة، ينفع الله سبحانه وتَعَالَى بهم،  سواء في العلم  أو الدعوة أو في الأخلاق الآداب، في كل الصفات الحميدة؛  ولهذا من أدعية عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)﴾ [الفرقان:74].

وقد قال رجل لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله: ليتني أرى ولدي يعظ الناس على المنبر،  فقال والدي رحمه الله: إذا كان عنده علم فعلمه يقيمه.

وهذا فيه أهمية العلم في الدعوة، وأن من عنده علم فعلمه يقيمه، يحفِّزه على نفع الأمة، ونشر العلم في لقاءاته ومجالسه.

ونعوذ بالله من العجز والكسل، هذه الآفة وإلا من فضل الله  الجميع يحب العلم،  يحب الخير،  أبناؤنا وبناتنا ومحباتُنا الكل يحب العلم النافع، لكن القليل من يوجد عندهم همة وعزيمة، فيحصل حرمان من الخير، حرمان من التنافس  في الجنة، حرمان من التنافس في العلم،  حرمان من التنافس في العمل الصالح؛  بسبب الكسل.

  ونسأل الله أن يكفينا جميعًا الصوارف، قد يكون فيه همة لكن يوجد صوارف لا مفر منها،  نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» أخرجه مسلم (118) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

أي: سابقوا بالأعمال قبل نزول الفتن.

 ومن نصائح والدي رحمه الله: اجتهدوا قبل أن تأتيكم الصوارف.

 الصغير لا يدري ما معنى هذا الكلام؟

 لا يدري بأهمية هذه النصيحة التي تستحق أن تكتب بماء الذهب: 

اجتهدوا قبل أن تأتيكم الصوارف.

 هذا يفيد أن الصوارف لا بُد منها،  وأنها حاجز وعائق عن الخير، وعن العلم النافع، والصوارف كثيرة،  نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة،  ونسأل الله سبحانه وتَعَالَى أن ييسر لنا المداومة على هذا الخير، والاستمرار في طلب العلم، وأن يثبتنا على ذلك، كما قال ربنا عز وجل: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)﴾ [الحجر].

 وكما ورد عن الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ: من المحبرة إلى المقبرة، علم، عيش مع القرآن والسنة، إلى أن يتوفانا سبحانه وتَعَالَى.

 ومن أهم ما يعين على هذا:

 الدعاء، والاجتهاد، إذا اجتهدنا الله سبحانه وتَعَالَى سيثبتنا ويوفقنا، الإكثار من ذكر الله تَعَالَى، الحرص على طرق الخير والعمل، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: « احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ». رواه الترمذي (2516) عن ابن عباس.

 

الاثنين، 17 مارس 2025

(84) اللغة العربية

 

قال الله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾[النساء: 87].

 

 وقال: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً﴾[النساء: 122].

 

 هذا استفهام معناه النفي، التقدير: لا أحد أصدق من الله حديثًا. «البحر المحيط في التفسير»(4/7).

قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية»(1/372): وإتيان النفي بصيغة الاستفهام أبلغ من إتيان النفي مجردًا؛ لأنه يكون بالاستفهام مشربًا معنى التحدي، كأنه يقول: لا أحد أصدق من الله حديثًا، وإذا كنت تزعم خلاف ذلك؛ فمن اأصدق من الله؟ اهـ.

 

وهذا من البلاغة، إتيان النفي بصيغة الاستفهام أبلغ في المعنى من إتيان النفي مجردًا من الاستفهام.

 

وذكَّرني هذا بفائدة استفدناها من والدي رَحِمَهُ الله:

 

 أن الإتيان بصيغة النفي بدل النهي أبلغ في المعنى؛ لأنه كأن الناس قد انتهوا.

 

وقال الشيخ ابن عثيمين في «شرح بلوغ المرام»(4/476) ذكر هذا، وقال: النفي إذا كان بمعنى النهي زاده تأكيدًا، كيف ذلك؟ لأنه إذا صيغ بصيغة النفي، فالنفي خبر وليس إنشاء، فكأنه يقول: إن هذا الأمر أمر مفروغ منه لا يمكن أن يقع؛ ولذلك قال أهل البلاغة: إن إتيان النهي بصيغة النفي أو الأمر بصيغة الخبر يكون أشد تأكيدًا؛ لأنه بمنزلة أن يُقال: إن المنهي عنه ضار أمرًا منتفيًا، وإن المأمور به صار أمرًا واقعًا، إذن التحريم أخذناه من كلمة «لا تُنكح البكر حَتَّى تُستأذن».

فإن قال قائل: هذا نفي.

قلنا: هو بمعنى النهي.

فإن قال: ما هي البلاغة، أو ما هي الحكمة في أن يأتي النهي بصيغة النفي؟

 فالجواب: لأن هذا أبلغ في التأكيد، كأن المنهي عنه صار أمرًا منتفيًا لا وجود له.

(10)شرح الصحيح المسند من الشمائل المحمدية

 



(140)نصائح وفوائد

 

      الصبر

 

لا يستطيع أحدٌ أن يعبد الله إلا بالصبر، قال تَعَالَى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) ﴾[مريم].

 

 ولا يكون من أئمة الدين إلا بالصبر واليقين، قال تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)﴾ [السجدة:24].

 

ولا يهنأ أحد بحياته إلا بالصبر، فقد ورد عن عمر بن الخطاب: وجدنا خير عيشنا بالصبر.

 

ولا يحافظ أحد على وقته إلا بالصبر.

ولا يستطيع أحد أن يترك المعاصي إلا بالصبر. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[آل عمران:200].

(139)نصائح وفوائد

 

المكروه الوارد على القلب

 

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في « زاد المعاد»(2/327): الْمَكْرُوه الْوَارِد عَلَى الْقَلْبِ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:

 فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَمْرًا مَاضِيًا، فَهُوَ يُحْدِثُ الْحَزَنَ.

 وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَوَقُّعُ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَهُوَ يُحْدِثُ الْهَمَّ.

 وَكِلَاهُمَا مِنَ الْعَجْزِ، فَإِنَّ مَا مَضَى لَا يُدْفَعُ بِالْحُزْنِ؛ بَلْ بِالرِّضَى، وَالْحَمْدِ وَالصَّبْرِ وَالْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ، وَقَوْلِ الْعَبْدِ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ.

وَمَا يُسْتَقْبَلُ لَا يُدْفَعُ أَيْضًا بِالْهَمِّ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ، فَلَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَلَّا تَكُونَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ، فَلَا يَجْزَعُ مِنْهُ، وَيَلْبَسُ لَهُ لِبَاسَهُ، وَيَأْخُذُ لَهُ عُدَّتَهُ، وَيَتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ اللَّائِقَةَ بِهِ، وَيَسْتَجِنُّ بِجُنَّةٍ حَصِينَةٍ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَكُّلِ، وَالِانْطِرَاحِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ وَالرِّضَى بِهِ رَبًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَرْضَى بِهِ رَبًّا فِيمَا يُحِبُّ دُونَ مَا يَكْرَهُ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا، لَمْ يَرْضَ بِهِ رَبًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَرْضَاهُ الرَّبُّ لَهُ عَبْدًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. اهـ.

فالمكروه الوارد على القلب:

إما أن يكون في شيء ماضٍ فهو الحزن، يعني: يتذكر أشياء مؤلمة في ماضيه، هذا يقال له: حزن.

وإما أن يكون في شيء مستقبل، فهذا يقال له: الهم، فإذا كان متوقعًا لمكروه في المستقبل هذا هَمٌّ.

فما كان في الشيء الماضي فعلاجه أن يدعو الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يؤمن بالقدر، وما كان في الشيء المستقبل إن استطاع أن يدفعه فعل، يأخذ بالأسباب، وإن كان لا حيلة له في دفعه فيوطن نفسه على الصبر، ويكثر من ذكر الله والاستغفار، وأيضًا يحسن الظن بالله؛ ففي الحديث القدسي: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» الحديث رواه البخاري (7405)، ومسلم (2675) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقد لا يفرق بين الحزن والهمِّ والغَمِّ، قال الشنقيطي رَحِمَهُ الله في « أضواء البيان»(7/140): وَالْخَوْفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: الْغَمُّ مِنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ.

وَالْحَزَنُ: الْغَمُّ مِنْ أَمْرٍ مَاضٍ.

وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِ الْآخَرِ.

وقال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية»(1/367): وقوله: ﴿لا تَحْزَنْ﴾: نهي يشمل الهم مما وقع وما سيقع؛ فهو صالح للماضي والمستقبل. اهـ.

الأدلة كلها فيها النهي عن الحزن؛ لأن الحزن يضعف القلب ويحطم المعنوية، ويوهن البدن؛ فلهذا الله عَزَّ وَجَل جعل الحزن من الشيطان، قال الله عَزَّ وَجَل: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)﴾ [المجادلة]. وجاء الدليل بالاستعاذة من الحزن لأضراره، فكان النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يستعيذ بالله من الحزن مع أنه من مكفرات الذنوب، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه البخاري (5641) ومسلم (2573) واللفظ للبخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

فعلينا أن نسأل الله العافية فإننا في دار الأحزان، وسؤال الله العافية من الأدعية الجامعة العظيمة، ثبت عَنْ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ عم النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «سَلِ اللَّهَ العَافِيَةَ»، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلِ اللَّهَ، العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». رواه الترمذي (3514).

العافية: دفاع الله عن العبد، يعني: أعم مما قد يظن أن المراد به الصحة، العافية أعم.

هذا يدل على أن سؤال الله العافية من الأدعية العظيمة التي ينبغي الإكثار منها، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

(178)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

الثقة بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى

 

عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا؟ فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟!» رواه البخاري (3653)، ومُسلِمٌ (2381).

 

الحديث في سياق الهجرة النبوية.

وهذا خطاب من النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فإنه عند أن رأى المشركين يمرون في طلبهما، قال -وهما في الغار-: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا؟ فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا».

وهذا فيه التثبيت، وأن الله لا يضيع عبده المؤمن، وفيه الثقة بالله عَزَّ وَجَل؛ ولهذا لما ترك نبي الله إبراهيم هاجر وابنها إسماعيل عند بيت الله المحرم وانصرف، تبعته أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ... رواه البخاري (3364).

 

 وهذا فيه ثقتها بربها وقوة إيمانها رَحِمَهَا الله.