جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 8 مايو 2017

(141) مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنِ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله



« عن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ يَقُولُ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: أَمَّا بَعْدُ: فَائْتَزِرُوا، وَارْتَدُوا، وَانْتَعِلُوا، وَأَلْقُوا الْخِفَافَ، وَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَتَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلِقُوا، وَاقْطَعُوا الرُّكُبَ، وَانْزُوا نَزْوًا، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ،  وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. قَالَ: فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الْأَعْلَامَ » رواه ابن الجعد في«الجعديات»( 995)،وأبو عوانة في«المسند-المستخرج على صحيح مسلم» (8964)،وهو أثرصحيح .

كتبتُ عن والدي رحمه الله الآتي:
«وتمعددوا»: أي كونوا في القوة كالجدِّ الأبعد، نسبة إلى أحد أجداد النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقوله: «عليكم بالشمس» يعني: خذ لك وقتًا في الشمس، فإنها تقوِّي العظام، وأنفعُ شيء منها  عند بزوغها وبعدها وفي الضحى.
ثم قال والدي رحمه الله:
الفأرة طبيعتها تشبه طبيعة الإنسان، فلهذا الأطباء الكفار يجرِّبون أدويتهم في الفئران، سواء في ضررها أو في نفعها.
أما أطباء المسلمين –يعني كثيرا منهم- فيجرِّبون في المسلمين ويقول محمد البرعي صاحب صنعاء: عن بعض الأدوية تكون في مجاري المياه.
وسأل واحدٌ أحدَ الأطباء فقال نعم، بعضها يكون في مجاري المياه، وبعضها من حيض النساء.
ولما كان الطب تجارةً أصبح يعتنقه من ليس بأهلٍ له.اهـ
-----------------------------
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أثر عمر  في« الفروسية » (120)وقال: قلت هَذَا تَعْلِيمٌ مِنْهُ للفروسية وتمرينٌ للبَدن على التبذُّل وَعدم الرَّفَاهِيَة والتنعُّم .. فَأَمرهمْ بالاتزار والارتداء والانتعال وإلقاء الْخفاف لتعتادَ الأرجل الْحرَّ وَالْبرد فتتصلَّبُ وتقوى على دفع أذاهما.
«وألقوا السراويلات» اسْتغْنَاء عَنْهَا بالأُزر وَهُوَ زِيُّ الْعَرَب.
وَبَين منفعتَي الُأزر والسروايل تفَاوت من وَجه ،فَهَذَا أَنْفَع من وَجه، وَهَذَا أنفع من وَجه ، فالإزار أَنْفَع فِي الْبَحْر ،والسروايل أَنْفَع فِي الْبرد، والسراويل أَنْفَع للراكب ،والإزار أَنْفَع للماشي.
«وَعَلَيْكُم بِثِيَاب أبيكم إِسْمَاعِيل» هَذَا يدل على أَن لِبَاسَه كَانَ الأُزر والأردية.
« وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ»فَإِن التنعُّم يخنِّثُ النَّفس ويكسبها الْأُنُوثَة والكسلَ..
وَأما زِيّ الْعَجم فلِأَنَّ المشابهة فِي الزِّيِّ الظَّاهِر تَدْعُو إِلَى الْمُوَافقَة فِي الْهَدْي الْبَاطِن كَمَا دلّ عَلَيْهِ الشَّرْع وَالْعقل والحس ،ولهذا جَاءَت الشَّرِيعَة بِالْمَنْعِ من التَّشَبُّه بالكفار والحيوانات وَالشَّيَاطِين وَالنِّسَاء والأعراب وكلِّ نَاقص.
« عَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ» فَإِن الْعَرَبَ لم تكن تعرف الْحمام وَلَا كَانَ بأرضهم، وَكَانُوا يتعوَّضون عَنهُ بالشمس فَإِنَّهَا تسخِّن وتحلِّل كَمَا يفعل الْحمَّام.
« وَتَمَعْدَدُوا» أَي الزموا المعدية وَهِي عَادَة معد بن عدنان فِي أخلاقه وزيِّه وفروسيته وأفعاله.
«وَاخْشَوْشنُوا»أَي :تعاطَوا مَا يُوجب الخشونةَ ويصلِّب الْجِسْم ويصبِّره على الْحرِّ وَالْبرد والتعب والمشاق فَإِنَّ الرجل قد يحْتَاج إِلَى نَفسه فيجد عِنْده خشونةً وَقُوَّة وصبرًا ،مَا لَا يجدهَا صَاحب التنعم والترفُّه، بل يكون العطب إِلَيْهِ أسْرع.
«وَاخْلَوْلقُوا»: هُوَ من قَوْله اخلولق السَّحَاب بعد تفرُّقه .أَي: اجْتمع وتهيَّأ للمطر وَصَارَ خليقا لَهُ فَمَعْنَى (اخلولقوا) تهيئوا واستعدوا لما يُرَاد مِنْكُم وَكُونُوا خُلقاء بِهِ جديرين بِفِعْلِهِ لَا كمن ضيع  أَرْكَان وأَسبَاب فروسيته وقوته فَلم يجدهَا عِنْد الْحَاجة.
« وَاقْطَعُوا الرُّكُبَ »:إِنَّمَا أَمرهم بذلك لِئَلَّا يعتادُوا الركب دَائِما بالركاب فَأحب أَن يعودهم الرّكُوب بِلَا ركب وَأَن ينزوا على الْخَيل نَزْوًا .
«ارموا الْأَغْرَاض» أَمرهم بِأَن يكون قصدهم فِي الرَّمْي الْإِصَابَة لَا الْبُعد، وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الرَّمْي، وَلِهَذَا إِنَّمَا تكون المناضلة على الْإِصَابَة لَا على الْبعد .اهـ