جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 16 يونيو 2016

(40)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

                      حكم الوصال في الصوم إلى السحر

استفدنا من والدي الشيخ مقبل رحمه الله

يجوز الوصال إلى السحر لما رواه البخاري (1967) عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ».

--------------
قلت:وقد ذهب إلى جواز الوصال في الصوم من السحر إلى السحر أحمد ،وإسحاق عزاه إليهما ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/154).
وهو اختيار البخاري فقد قال في «صحيحه» باب الوصال إلى السحر . قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (1967) أي جوازه .

وجمهور العلماء على المنع من الوصال قالوا لأنه جاء فيه النهي .
ولأن الليل ليس بمحل للصوم. قال تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.
قال الترمذي رحمه الله في «سننه» (778)عقب حديث أنس «لَا تُوَاصِلُوا» ، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إِنَّ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي».وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: كَرِهُوا الوِصَالَ فِي الصِّيَامِ "، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّهُ كَانَ يُوَاصِلُ الأَيَّامَ وَلَا يُفْطِرُ».

وحديث أبي سعيد الخدري «فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». دليل على جواز الوصال إلى السحر دون ما زاد على ذلك .
والكلام على الجواز .
أما الاستحباب فالمستحب أن يفطر الصائم إذا غربت الشمس للأدلة التي فيها الفطر للصائم إذا غربت الشمس. 

المراد بالوصال في الصوم

قال ابن الجوزي رحمه الله في «كشف المشكل من حديث الصحيحين» (2/545): الْوِصَال فِي الصّيام: أَن تصل اللَّيْل بِالنَّهَارِ فِي ترك الْأكل .اهـ.

وقوله في الحديث «إِنَّ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» ذكروا احتمالَين
أَحدهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يخص بِطَعَام وشراب حَقِيقَة وَلَا يفْسد صَوْمه، كَمَا يغطُّ فِي نَومه وَلَا ينْتَقض وضوءه، فَيكون هَذَا مُضَافا إِلَى خَصَائِصه الَّتِي أُكْرِم بهَا.
الثَّانِي: أَنه يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى: إِنِّي أعَان وَأقوى، فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الطَّعَام وَالشرَاب.
والاحتمال الثاني : هو الصواب أنه عبارة عن الغذاء الرُّوحي لأنه لو كان طعامً وشرابًا حسيَّا لم يكن صائمًا ،ولكنه من باب قول الشاعر
لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد

وهذا الذي رجحه ابن القيم في «زاد المعاد» والطيبي في «شرح المشكاة» (5/1585).