موافقة ما تهوى الزوجة
إنَّ من رِفْقِ الزوج بزوجته موافقة ما
تهواه؛ احترامًا لمشاعرها، ومداراتِهَا، وإدخال السرور على قلبِهَا، وهذا حيث لا
يكون هناكَ ضرر، أو المصلحة في خلافه.
روى الإمام مسلم (1213) من حديث جابر بن
عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قصة حجة أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا
سَهْلًا، إِذَا هَوِيَتِ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَهَا مَعَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مِنَ التَّنْعِيمِ.
قال الزرقاني رَحِمَهُ الله في «شرح المواهب اللدنية»(4/386):
من حبه لها-أي: لعائشة- أنها كانت (إذا هويت الشيء)- بفتح الهاء وكسر الواو-
أحببته، (تابعها عليه)، وافقها. اهـ.
وقَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في حديثٍ
لها: فَتَوَاطَأْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ
رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ
ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ،
وَلَنْ أَعُودَ لَهُ»، فَنَزَلَ: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ}
[التحريم: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوبَا} [التحريم: 4] لِعَائِشَةَ
وَحَفْصَةَ، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}
[التحريم: 3]، لِقَوْلِهِ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا». رواه البخاري (5268)، ومسلم
(1474) واللفظ له.
وهذا من حسن أخلاق النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله وليْنِهِ معهم، امتنع عن شرب العسل، وحلف ألَّا يعود
لشربه؛ إرضاءً لأهله، {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1].
والحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»(14/ 221)
قال عن شيخه أبي الحجاج المزي في شأن حسن معاملته لزوجته زينب: وَكَانَ
الشَّيْخُ-الإمام المزي- مُحْسِنًا إِلَيْهَا مُطِيعًا، لَا يَكَادُ يُخَالِفُهَا؛
لِحُبِّهِ لَهَا طَبْعًا وَشَرْعًا، فَرَحِمَهَا اللَّهُ وَقَدَّسَ رُوحَهَا،
وَنَوَّرَ مَضْجَعَهَا بِالرَّحْمَةِ، آمِينَ.