جديد الرسائل

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

(14)مقتطف من دروس موصل الطلاب على قواعد الإعراب

 

مِنْ بَلاغَاتِ الزَّمَخْشَرِيِّ اللغوي المعتزلي

(طَعْمُ الْآلاءِ أَحْلَى مِنَ الْمَنِّ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنَ الْآلاءِ عِنْدَ الْمَنِّ)

أَرَادَ بِالْآلاءِ الْأُولَى: النِّعَمَ، ومنه قوله تَعَالَى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} [الرحمن: 13]

وَبِالْآلاءِ الثَّانِيَةِ: الشَّجَرَ الْمُرَّ.

 

وَأَرَادَ بِالْمَنِّ الْأَوَّلِ: المذكور في قوله: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)} [البقرة: 57]، وهو شيء يشبه العسل.

قال الشنقيطي رَحِمَهُ اللهُ في «أضواء البيان»(4/74): وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَنَّ: التَّرَنْجَبِينُ، وَهُوَ شَيْءٌ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كَنُزُولِ النَّدَى ثُمَّ يَتَجَمَّدُ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَسَلَ الْأَبْيَضَ.

وَالسَّلْوَى: طَائِرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى. وَقِيلَ هُوَ السُّمَانَى. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي الْمَنِّ وَالسَّلْوَى. وَقِيلَ: السَّلْوَى الْعَسَلُ. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ إِطْلَاقَ السَّلْوَى عَلَى الْعَسَلِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ «السَّلْوَى» يُطْلَقُ عَلَى الْعَسَلِ لُغَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:

وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمْ

    أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا

يَعْنِي: أَلَذَّ مِنَ الْعَسَلِ إِذَا مَا نَسْتَخْرِجُهَا؛ لِأَنَّ النُّشُورَ: اسْتِخْرَاجُ الْعَسَلِ.

 قَالَ مُؤَرِّجُ بْنُ عُمَرَ السَّدُوسِيُّ: إِطْلَاقُ السَّلْوَى عَلَى الْعَسَلِ لُغَةُ كِنَانَةَ. سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسَلِّي. قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ. إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ. اهـ.

والمن بهذا المعنى هو الذي جاء في الحديث الذي رواه البخاري (5708)، ومسلم (2049) عن سَعِيد بْن زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ».

وبالمن الثاني: تذكير المنعَم عليه بالنعمة.