جديد الرسائل

الخميس، 29 مايو 2025

(7)من أحكام الأضاحي

 

 

تسأل إحدى أخواتي في الله: هل تصح الأضحية عن الميت؟

الجواب:

إن كان أوصى الميت أن يُضحى عنه فتنفَّذُ وصيته؛ لقوله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)  [البقرة].

أو ضحى عنه وعن أمواته تبعًا، بمعنى يُشرِك صاحب الأضحية في الأجر والديه أو بعض أقربائه أو بعض الأموات أو جميع المسلمين فهذا لا بأس به؛ لِما روى الإمام مسلم (1967)  عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها  الحديث وفيه «وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ».

 وجاء عند الإمام أحمد (25886) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ، سَمِينَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، مَوْجَيَيْنِ  فَيَذْبَحُ  أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مِمَّنْ شَهِدَ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآلِ مُحَمَّدٍ»، وفي إسناده عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وهو مختلَفٌ في الاحتجاج به.

فهاتان حالتان.

الحالة الثالثة، أن يُضحي عن الميت استقلالًا لا تبعًا.

وعند التأمل في هذه المسألة من حيث الدليل الذي هو الفاصل، لا نجد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه ضحى عن أحد من الأموات، لا عن خديجة، ولا عمه حمزة، ولا عن بناته، ولا عن غيرهم، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

علمًا أنه قد ذهب إلى أنه ينتفع الميت بالأضحية بعض العلماء.

وهذا اختيار والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله؛ فقد كانت والدتي رَحِمَهَا الله، تُضحي عن بعضِ والدَيها ووالدي يعلم ذلكَ، ولا يُنكر عليها.

وقال الشيخ ابن عثيمين في « مجموع الفتاوى»(17/267): ... الأضحية عن الميت استقلالاً غير مشروعة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا من قوله، ولا من فعله، ولا من إقراره، وقد مات للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاده، سوى فاطمة رضي الله عنها وماتت زوجتاه خديجة وزينت بنت خزيمة رضي الله عنهما، ومات عمه حمزة رضي الله عنه ولم يضح عن واحد منهم، ولم نعلم أن أحداً من الصحابة رضي الله عنهم ضحى في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أحد من الأموات قريب ولا بعيد.

ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الميت لا ينتفع بالأضحية عنه، ولا يأتيه أجرها إلا أن يكون قد أوصى بها.

ولكن الصحيح: أنه ينتفع بها ويأتيه الأجر إن شاء الله. اهـ المراد.