جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 4 يناير 2025

(47) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


192-وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

·    في هذا الحديث: متابعة المؤذن، وهذا للاستحباب وهو قول الجمهور؛ لأن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْفِطْرَةِ»، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ» رواه مسلم (382) عن أنس. فهذا الحديث صارف للأمر.

فيستحب متابعة المؤذن إلا في الحيعلتين، يستحب أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.  وذهبت الظاهرية وأبو حنيفة وآخرون إلى الوجوب.

ظاهر الحديث: أنه يقول مثل ما يقول المؤذن عند التثويب. والتثويب: الصلاة خير من النوم، وهذا قول والدي والشيخ ابن باز.

ويستحب في الشهادتين أن يقول أحيانًا: وأنا؛ لحديث أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المِنْبَرِ، أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ»، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «وَأَنَا»، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «وَأَنَا»، فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذَا المَجْلِسِ، حِينَ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِنْ مَقَالَتِي. رواه البخاري(914).

ولكن في الغالب يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

هل يتابِع إذا سمع الإقامة؟

مختلف في هذا، والصحيح أنه لا يتابع.

ومن قال: يتابع الإقامة، استدلوا بأن الإقامة تسمى أذانًا، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، ثَلَاثًا لِمَنْ شَاءَ» متفق عليه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ.

 والجواب عنه: أنه أُطلِق على الإقامة أذان تغليبًا.

هل يستحب متابعة الأذان إذا سمعه من الإذاعة أو الجوال، ونحو ذلك؟

يُتابَع إذا كان في نفس وقت صلاة السامع؛ لحديث أبي سعيد «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ».

وإذا سمعه في نفس الوقت ولكنه قد صلى، ينقل الشيخ ابن عثيمين عن الفقهاء أنه لا يتابع المؤذن.

وإذا قد خرج الوقت فلا يتابع؛ لأنه منقول لشيء ماضٍ فليس بحقيقة.

وقُدِّم سؤال للشيخ ابن باز كما في «مجموع الفتاوى»(3/363): هل تجوز مجاوبة الأذان الصادر من جهاز (المذياع)؟

ج: إذا كان في وقت الصلاة فإنها تشرع الإجابة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول..».

من فاته متابعة بعض الكلمات في أول الأذان:

فله أن يتداركه ثم يكمل المتابعة.

حتى إن الإمام الصنعاني في «سبل السلام»(1/62) يقول: فَلَوْ لَمْ يُجَاوِبْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْأَذَانِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّدَارُكُ إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ. اهـ. أي: له أن يتابع لكن بشرط ألَّا تطول مدة الفصل.

وإذا سمع أذانًا فتابعه ثم سمع أذانًا آخر:

 ففضيلة المتابعة تحصل بمتابعة الأول، ومن أحب أن يتابع الثاني فعل، فهو من ذكر الله.

وهل يتابع المؤذن في الأذان الأول يوم الجمعة؟

الأذان الأول يوم الجمعة من فِعْلِ عثمان واجتهاده رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لما رأى الناس كثروا وما كان يبلغهم الأذان؛ ولهذا استفدنا من والدي رَحِمَهُ اللهُ أنه لا يتابع المؤذن في الأذان الأول يوم الجمعة؛ لأنه غير مشروع.

195-وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، قَالَ: «أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

·    في هذا الحديث جواز طلب الإمامة في الدين.

 أما طلب الإمامة في الدنيا فهذا منهي عنه؛ لأن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» متفق عليه.

وفيه: مراعاة حال المأمومين، وقد غضب النّبِيّ صلى الله عليه وسلم من تطويل الصلاة على المأمومين؛ خشية التنفير، وللرفق بالناس.

أما صلاة الليل فالنّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يطيل فيها.

·    وفيه: اتخاذ مؤذن لا يأخذ على أذانه أجرًا، ولكن يؤذن لوجه الله، وقد نقل الإمام الترمذي كراهة أهل العلم لهذا.

فإذا أُعطِي من الدولة راتبًا على أذانه هذا ليس فيه شيء، ولكن عليه أن يخلص عمله لله.

 أيضًا لو أخذ راتبًا من غير الدولة ولم يشترط، فأحبوا أن يعطوه؛ معونة له، لا شيء إن شاء الله في ذلك، لكن إذا اشترط هذا فيه كراهة، وقد صارت هذه الشعيرة معاوضة بدنيا إلا من رحم الله.

196-وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ...» الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ.

هذا الحديث من أدلة وجوب الأذان.