في حالة الاحتضار لقنه الشيخ عبد العزيز الجهني-حفظه الله- الشهادة في أذنه، فحرك لسانه بالشهادة، وتبسم ابتسامة حتى ظن من حوله أنه يضحك وأنه سيتكلم، ولكنه كان في النزع([1]).
ثم بعد ذلك قبضت روحه -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- بعد غروب الشمس ليلة الأحد، في أول جمادى الأولى سنة 1422هـ
([1]) هذا من خبر زوجي حفظه الله؛ فقد كان أحدَ مرافقيه في سفر مرض وفاتِهِ.
وذكر الشيخ محمد بن عبد الله با موسى أحد طلاب والدي كما في صوتية له وصلتني بعنوان: « قصة موت الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله من ساعة الموت إلى الدفن» أنه كان أحدَ الحاضرين، ومما ذكر: أن الشيخ مقبلًا كان قد دخل في الغيبوبة، ومكث في الغيبوبة قرابة أربعة أيام، وفي اليوم الذي توفي فيه بين مغرب وعشاء كانت الوفاة، كانت الغرفة مليئة بأفاضل الناس وبقية الخلق في الخارج، وكانت الغرفة مليئة بأفاضل الناس والدعاة والمشايخ والأعيان وطلبة العلم.
وكنَّا نرى أنها لحظة النزع والفراق الأخير، فاشتد نَفَسُ الشيخ، ففزع الحاضرون بالدعاء ورفع الأيادي إلى الله، وخيَّم السكون والهدوء والرغبة، فجاء رجل مشلول على عرَبَةٍ لحيتُهُ حمراء، وذهب عند أُذُنِ الشيخ، والشيخ مُغمًى عليه له أربعة أيام، فقال هذا الرجل بصوتٍ مرتفع أكثر من مرة: يا شيخ، يا شيخ، لا إله إلا الله، حتى أخرج الشيخُ لسانَهُ ويحَرِّكُهُ بكلمة التوحيد، وأشرق وجهُهُ كأنه البدر الطالع، وابتسم ابتسامة ملأت وجهَهُ، حتى ظننا أن الحياةَ رجعت إليه، وفرِحَ كل من حضَرَ واستبشر بذلك النور الذي رآه على وجه الشيخ، وبتحريكِ اللسان بكلمةِ التوحيد، ثم خرجت روحُ الشيخ كما تسيل القطرة من فِي السِّقاء.
ووجدته أيضًا في ملفٍ صغير عندي في جهازي بعنوان: «نبذة عن حياة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله تَعَالَى» بقلم أبي الحسن السليماني، وهذا نصه:
ولما علمت بحالته الصحية المتدهورة؛ قَدِمت من الإمارات، وقد اعتذرت عن إكمال دورة علمية هنالك، مع جماعة من المشايخ – حفظهم الله-ولازمت الشيخ مع مرافقيه مدة أربعة أيام، وهو في غيبوبة، ولما جاء الوقت الذي قدره الله عليه، وأنا قائم عند رأسه من جهة اليمين، فإذا به يبتسم ابتسامة قد ملأت وجهه، وأشخص بعينيه إلى السماء، حتى ظن من هم عند قدمه أنه يضحك، وأنه سيتكلم معنا، ولكني كنت أعلم أنه في النـزع الأخير، ثم بعد ذلك خرجت روحه، ومنا من يقول: قُضِيَ عليه، ومنا من يقول غير ذلك، وبَرَدَ الشيخ بيننا، وسُلَّت روحه ـ فيما يظهر لنا- كما تُسَلّ القطرة من في السقاء، ثم استنار وجهه بيننا قبل تغطيته، وكان هذا كله- فيما يظهر لنا إن شاء الله- من علامات حسن الختام، والفضل في ذلك لله وحده. اهـ.
وحملني على نقل ما ذُكِر أنني قرأت منشورًا لبعضهم، ينكر ابتسامة والدي رَحِمَهُ الله عند وفاتِهِ، فأحببتُ تعزيز ما ذُكِر أعلاه وشَدَّ صحتِهِ، والمثبت مقدم على النافي، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم.