الحامل ترى الدم
إذا رأت المرأة دم حيض وهي حامل، فالجمهور على أنه ليس بحيض.
وبعض أهل العلم -وهو قول شيخ الإسلام- يقولون: لا يمنع أن يزيد الدم على الجنين؛ فتحيض المرأة.
وأما الجمهور، فقالوا: إنه يتحول إلى غذاء للجنين، فلا تحيض الحامل.
[استفدته وقيدته من دروس والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله]
قلت: أخرج الإمام مالك رحمه الله في «الموطأ» (194) أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ. قَالَ: تَكُفُّ عَنِ الصَّلاَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
وأخرجه الدارمي في «سننه» (961) من طريق مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، به.
قلت: وهو قول الشافعي في رواية عنه.
وقد ذكر الحافظ أبو عمر ابن عبدالبر في «التمهيد» (16/86) اختلاف العلماء في المسألة، ورجَّح أن الحامل قد تحيض.
قال: وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ مَا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْحَائِضَ قَدْ تَحْمِلُ، فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ تَحِيضَ كَمَا جَائِزٌ أَنْ تَحْمِلَ.
وَالْأَصْلُ فِي الدَّمِ الظَّاهِرِ مِنَ الْأَرْحَامِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، حَتَّى تَتَجَاوَزَ الْمِقْدَارَ الَّذِي لَا يَكُونُ مِثْلُهُ حَيْضًا، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ اسْتِحَاضَةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا حَكَمَ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي دَمٍ زَائِدٍ عَلَى مِقْدَارِ الْحَيْضِ.
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: <لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ> مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ حَيْضٌ عَلَى حَمْلٍ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي سبي أوطاس حين أرادوا وطأهن، فأُخبروا أن الْحَامِلَ لَا بَرَاءَةَ لِرَحِمِهَا بِغَيْرِ الْوَضْعِ، وَالْحَائِلَ لَا بَرَاءَةَ لِرَحِمِهَا بِغَيْرِ الْحَيْضِ، لَا أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في « الدماء الطبيعية»(14): وليس في الكتاب والسنة ما يمنعُ حيض الحامل. اهـ.
فإذا كان الدم بأوصاف الحيض فهو حيض، وأوصاف دم الحيض:
أسود، ثخين، وله رائحة نتِنَة.