هل مشيئة الله تنقسم إلى قسمين: كونية وشرعية كالإرادة ونحوها؟
نقل الشيخ عبدالرحمن بن حسن عن الحافظ ابن كثير رَحِمَهُمَا الله في كتابه «فتح المجيد» بعد أن ذكر جملة من الأدلة في بيان أن الرسل كلهم دعوا إلى توحيد الألوهية، ونبذ الشرك.
قال: فكيف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾[النحل: 35].
فمشيئة الله تعالى الشرعية عنهم منفية؛ لأنه نهاهم عن ذلك على ألسن رسله.
وأما مشيئته الكونية - وهي تمكينهم من ذلك قدرًا - فلا حجة لهم فيها؛ لأنه تعالى خلق النار وأهلها من الشياطين والكفرة، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة، ثم إنه تعالى قد أخبر أنه أنكر عليهم بالعقوبة في الدنيا بعد إنذار الرسل، فلهذا قال: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾. انتهى.
التعليق:
هذا الكلام نقله الشارح هنا عن الحافظ ابن كثير ولم يتعقَّبْهُ.
وكلام ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ مذكور في تفسير سورة النحل رقم الآية:(35)، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)﴾.
وهذا يدل على أن مشيئة الله سُبحَانَهُ وتَعَالَى على قسمين: شرعية، وكونية.
وهذا لا يوجد في كلام المحققين من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام وابن القيم، ولكن كلامهم يفيد أن المشيئة ترادف الإرادة الكونية؛ ولهذا يقولون في الإرادة الكونية: هي بمعنى المشيئة.
قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(11/266): فَـ " الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ " هِيَ مَشِيئَتُهُ لِمَا خَلَقَهُ، وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ دَاخِلَةٌ فِي مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ.
وَالْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ: هِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، الْمُتَنَاوِلَةُ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَجَعَلَهُ شَرْعًا وَدِينًا.
وقد كتبت عن والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله في الجواب عن سؤال:
هل فيه فرق بين الإرادة (الكونية)والمشيئة؟
جـ: لا أعلم فرقًا بينهما.
[مقتبس من الدرس الرابع من دروس فتح المجيد لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله تَعَالَى]