الطهارة على قسمين:
معنوية: وهي طهارة الباطن من العقائد الباطلة ومن سائر الأمراض.
وطهارة حسية: وهي الطهارة من النجاسة الحسية.
فـ«تطهير الاعتقاد» أي: تطهير العقيدة من الشركيات؛ لأن الشرك نجاسة معنوية.
العقيدة لغة: الشد والربط.
واصطلاحًا: اعتقاد الذهن الجازم في أمرٍ ما، فإن وافق الحق فهو حق وإن وافق الباطل فهو باطل.
«أدران » الدَّرَنُ الوسخ.
«الإلحاد» لغة: الميل.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الباء في (بِسْمِ اللَّهِ) للاستعانة، والاستعانة بالله: يفيد البراءة من الحول والقوة.
قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح البيقونية»: المعنى أبتدِئ بكل اسم من أسماء الله. اهـ.
وقد بدأ المؤلف الصنعاني كتابه بالبسملة؛ اقتداءً بكتاب الله ، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان في مراسلاته يقول: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».
والجار والمجرور في (بِسْمِ اللَّهِ) متعلقان بفعل محذوف متأخِّرٍ، مناسب للمقام.
(الله) المألوه، وهو المعبود.
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) نعتان للفظ الجلالة، واختلفوا في التفرقة بين (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ):
ومن الأقوال المشهورة: ما جاء عن العرْزَمي أنه قال: الرحمن بجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين.
ومنهم من يقول: (الرَّحْمَنِ) رحمن الدنيا والآخرة، و(الرحيم) بجميع الخلق.
والذي ذهب إليه ابن القيم في الفرق بين هذين الاسمين:
أن (الرَّحْمَنِ) يدل على إثبات صفة قائمة بالله، و(الرَّحِيمِ) فيه إثبات صفة فعلية.
(وهو) أي: الله. (المُستَعَانُ) أي: الذي يستعان به.
(الحَمدُ للهِ) الحمد: الإخبار بمحاسن المحمود مع المحبة والإجلال والتعظيم.
(الَّذِي لَا يَقبَلُ تَوحِيدَ رُبُوبِيَّتِهِ مِنَ العِبَادِ) أقسام التوحيد: توحيد الربوبية: توحيد الله في أفعاله.
توحيد الألوهية وهو: إفراد الله بالعبادة.
وتوحيد الأسماء والصفات وهو: ألَّا نسمِّيَ الله ولا نصفه إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
( حَتَّى يُفرِدُوهُ بِتَوحِيدِ العِبَادَةِ كُلَّ الإِفرَادِ) القرآن جاء في آيات كثيرة بتقرير هذه العقيدة، والإنكار على من يقر بتوحيد الربوبية وينفي توحيد الألوهية، قال سُبحَانَهُ:﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان:25]. فكل من أقر بتوحيد الربوبية يلزمه أن يقر بتوحيد الألوهية، أما من أقر بتوحيد الألوهية فإنه مقر بتوحيد الربوبية، فتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية.
(فَلَا يتَّخِذُونَ لَهُ نِدًّا) الند: الشبيه والنظير، وأعظم ذنب أن يتخذ لله ندًا، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ» رواه البخاري (6001)، ومسلم (86).
(وَلَا يَدْعُونَ مَعَهُ أَحَدًا) أي: فيما لا يقدر عليه إلا الله، قال الله تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)﴾ [الجن:18]
(وَلَا يَتَّكِلُونَ إلَّا عَلَيهِ) أي: لا يعتمدون إلا على الله، التوكل لغة: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد عَلَى غَيْرِكَ. واصطلاحًا: هو صِدْقُ اعْتِمَادِ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي اسْتِجْلَابِ الْمَصَالِحِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلِّهَا، وَكِلَةُ الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَيْهِ.
(وَلَا يَفَزَعُونَ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا إِلَيهِ) في السراء والضراء الملجأ هو الله، وكان مشركو قريش يفزعون إلى الله في حال الشدائد و الضراء، أما في حال السراء فلا يفردونه بالعبادة.
(وَلَا يَدعُونَهُ بِغَيرِ أَسمَائِهِ الحُسنَى) أسماء الله كلها حسنى، ومن حُسن أسماء الله: أنها أعلام وأوصاف، فليست أعلامًا محضة.
(وَلَا يَتَوَصَّلُونَ إِلَيهِ بِالشُّفَعَاءِ) وهذا بخلاف المشركين فإنهم يتخذون شفعاء ووسائط بينهم وبين الله، فاتخاذ الوسائط بين الله وبين خلقه في الدعاء في جلب المنافع هذا شرك أكبر.
وهناك وسائط بين الله وبين خلقه وهم الرسل في تبليغ الرسالة.
(وَأَشهَدُ) الشهادة: الإخبار بالشيء مع اعتقاد صحته وثبوته.
(وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ) فيه الجمع بين العبودية والرسالة.
(عَبدُهُ) فيه رد على الذين يرفعون النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فوق منزلته. وشَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ تقتضي: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصدِيقُهُ فِيمَا أَخبَرَ، وَاجتِنَابُ مَا عَنهُ نَهَى وَزَجَرَ، وَأَلَّا يَعبَدَ اللهَ إِلَّا بِمَا شَرَعَ. قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي.
(وَرَسُولُهُ) فيه رد على من ينكر أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله.
(الَّذِي أَمَرَهُ أَن يَقُولَ: ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأعراف:188]) وإذا كان النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا مع منزلته فكيف بمن هو أدنى منه؟! وهذا فيه قطع شبهة من يعتقد في غير الله الضر والنفع، فالمخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فكيف يدعى ويلجأ إليه ويستغاث به؟!
(وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا) الله شهد بهذا أنه الواحد في ألوهيته وربوبيته، فكفانا شهادته سُبحَانَهُ!
(صَلَّى اللهُ عَلَيهِ) صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى.