من عداوة الشيطان لابن آدم
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا».
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: 36]. رواه البخاري(3431)، ومسلم (2366).
قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «التبيان في أقسام القرآن»(359):
فإن قيل: فما السبب في بكاء الصبي حالة خروجه إلى هذه الدار؟
قيل: ههنا سببان:
سبب باطن أخبر به الصادق المصدوق لا يعرفه الأطباء، وسبب ظاهر.
فأما السبب الباطن، فإن الله سبحانه اقتضت حكمته أن وكَّل بكل واحدٍ من ولد آدم شيطانًا، فشيطان المولود قد خنس ينتظر خروجَه؛ ليقارنه ويتوكل به، فإذا انفصل استقبله الشيطان وطعنه في خاصرته؛ تحرُّقًا عليه وتغيظًا واستقبالًا له بالعداوة التي كانت بين الأبوين قديمًا، فيبكي المولود من تلك الطعنة.
ولو آمن زنادقة الأطباء والطبائعيين بالله ورسوله لم يجدوا عندهم ما يبطل ذلك ولا يرده. وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان».
والسبب الظاهر الذي لا نخبر الرسلَ بأمثاله؛ لرُخْصه عند الناس ومعرفتهم له من غيرهم، هو مفارقته المألوف والعادة التي كان فيها إلى أمر غريب؛ فإنه ينتقل من جسمٍّ حار إلى هواء بارد ومكان لم يألَفه، فيستوحش من مفارقته وطنه ومألفه .اهـ المراد