جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 10 يونيو 2023

(23) من نصائح والدي رحمه الله

 

من نصائح والدي رَحِمَهُ الله لطالب العلم بالتخصص

عن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ:«فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى  ذَلِكَ» رواه البخاري(3606)، ومسلم(1847).

قال والدي رَحِمَهُ الله في نصيحته لطالب العلم هي ضمن «غارة الأشرطة» المجلد الأول: وهكذا أنصحك بالتخصص بعد أن تُلِمَّ بما تحتاج إليه من العلوم الدينية، والتخصص له أصل، ثم استدل بحديث حذيفة المذكور.

قال: وأقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ على ذلك.

قلت: وقال الحافظ في «فتح الباري» (7084) في فوائد هذا الحديث:

حكمة الله في عباده كيف أقام كُلًّا منهم فيما شاء، فحبَّب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير؛ ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم، وحبَّب لحذيفة السؤال عن الشر؛ ليجتنبه ويكون سببًا في دفعه عمن أراد الله له النجاة.

قال:    وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بوجوه الحِكَم كلها، حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه.

    أن كل من حبِّب إليه شيء فإنه يفوق فيه غيره، ومن ثَمَّ كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره، حتى خُص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية.

     أن من أدب التعليم أن يُعَلَّمَ التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلًا إليه من العلوم المباحة؛ فإنه أجدر أن يسرع إلى تفهمه والقيام به، وأن كل شيء يهدي إلى طريق الخير يسمى خيرًا، وكذا بالعكس.