جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 26 نوفمبر 2022

(76) نصائح وفوائد

 

                                       الكسب عِزَّة للنفس

 

ذكر لنا والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله أكثر من مرة قول سفيان الثوري: لولا حرفتي هذه لتمندلوا بي.

 

وهذا الأثر أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء»(6/381) من طريق عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيِّ. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَمْسِكُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ؟ فَقَالَ: اسْكُتْ لَوْلَا هَذِهِ الدَّنَانِيرُ لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلَاءِ الْمُلُوكُ.

 

 أي: لتمسَّحوا به كالمنديل؛ لأن الحاجة ذلة، فقد يحتاج ويذل نفسه للكبار والأمراء، وقد يجبن عن قول الحق؛ مراعاة لحال من يعطيه، ويكون مسخَّرًا مُسَيَّرًا  لمخلوقٍ مثله، والاستغناء عن الناس عزة ورفعة للرأس.

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «إعلام الموقعين»(4/156)في شرح عبارة:  الْكِفَايَةُ وَإِلَّا مَضَغَهُ النَّاسُ.

قال: فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ احْتَاجَ إلَى النَّاسِ، وَإِلَى الْأَخْذِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُمْ شَيْئًا إلَّا أَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ وَعِرْضِهِ أَضْعَافَهُ، وَقَدْ كَانَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ، وَكَانَ لَا يَتَرَوَّى فِي بَذْلِهِ وَيَقُولُ: لَوْلَا ذَلِكَ لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلَاءِ.

 فَالْعَالِمُ إذَا مُنِحَ غِنَاءً فَقَدْ أُعِينَ عَلَى تَنْفِيذِ عِلْمِهِ، وَإِذَا احْتَاجَ إلَى النَّاسِ فَقَدْ مَاتَ عِلْمُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ.